فالعبَادَةُ سَبَبٌ لِعفْوِ اللهِ جل وعلا
عنْهُمْ، وَإِكْرَامِهِ لَهُمْ، وَإِنْعامِهِ علَيْهِم فِي الدُّنْيَا
وَالآَخِرَةِ؛ فَهُمُ المُحْتَاجُونَ لِلعبَادَةِ، وَإِلاَّ فالله جل وعلا غَنِيٌّ
عنْهَا، كما قال تعالى: ﴿إِن
تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ
حَمِيدٌ﴾ [إبراهيم: 8] وَقَالَ: ﴿إِن
تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ
وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ
ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ
إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾
[الزمر: 7] وفي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ يَقُولُ اللهُ جل وعلا: «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ
وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ
وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ
وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ
وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا،... يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ
أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ
خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ
نَفْسَهُ» ([1]).
هذا هُوَ المَقْصُودُ مِنَ العبَادَةِ، وَهُوَ رَاجِع إلى المَخْلُوقِ، وَكَوْنِ الله أَمَرَهُ بِالعبَادَةِ رَحْمَةً بِهِ، مِنْ أَجْلِ أَنْ تُقَرِّبَهُ إِلَى رَبِّهِ سبحانه وتعالى وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَفْتَحَ البَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ، فَيَسْتَجيب دُعاءَهُ، وَيَرْحَمَ ضَعفَهُ، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ الْيُسْرَ,وَاعْلَمْ أَنَّ العِبَادَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ» ([2]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2577).