كُلُّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ مِنَ
الأَعمَالِ الظَّاهرة على الجوارح، والباطنة في القلوب، فَإِنَّهُ عبَادَةٌ لله
سبحانه وتعالى، وَمَا لا يَرْضَاهُ اللهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عبَادَةً لله، وَلَوْ
كَانَ الإِنْسَانُ يُرِيدُ التَّقَرُّبَ به إلى الله.
فالَّذي
لا يَرْضَاهُ اللهُ لا يَكُونُ عبَادَةً لله، وَلَوْ حَسُنَ قَصْدُ الإِنْسَانِ
فِيهِ؛ فَالبِدَع وَالخُرَافَاتُ والشِّرْكِيَّاتُ لا تَصْلُحُ عنْدَ الله سبحانه
وتعالى لأنَّ الله لا يَرْضَاهَا، وَلَمْ يَأْذَنْ بِهَا.
فَالعبَادَةُ
اسْمٌ جَامِع لِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ، والله لا يُحِبُّ الكُفْرَ، ولا
يُحِبُّ الشِّرْكَ، وَلا يُحِبُّ البِدَع وَالمُحْدَثَاتِ، وَلا يَرْضَاهَا،
وَإِنَّمَا يُحِبُّ الطَّاعاتِ، وَيُحِبُّ الاتِّبَاع وَالاقْتِدَاءَ بالرَّسول
صلى الله عليه وسلم والعمَلَ بِمَا شَرَّعهُ اللهُ سبحانه وتعالى.
هذا هو الَّذي يَرْضَاهُ اللهُ وَيُحِبُّهُ، وَهَذَا هُوَ العبَادَةُ. ثُمَّ قَالَ: ﴿وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36] لَمَّا كَانَتِ العبَادَةُ لا تَصِحُّ إِلاَّ بِالإِخْلاصِ لله عز وجل نَبَّهَ اللهُ علَى ذَلِكَ، فَنَبَّهَ علَى مَا يُفْسِدُ العبَادَةَ - وَهُوَ الشِّرْكُ - فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ عبَدَ اللهَ فِي اللَّيْلِ والنَّهَارِ، وَأَتَى بِكُلِّ عبادة يعرفها، وَلَكِنَّهُ أَشْرَكَ بالله شَيْئًا، فَإِنَّ عبَادَتَهُ لا تَنْفَعهُ مَهْمَا أَتْعبَ نَفْسَهُ فِيهَا؛ قَالَ اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [الزمر: 65] فالشِّرْكُ لا تَصِحُّ مَعهُ عبَادَةٌ؛ فالَّذي يَعبُدُ الله وَيَعبُدُ غَيْرَهُ، لا تَنْفَعهُ عبَادَتُهُ، وَلا تَصِحُّ عبَادَتُهُ، كَمَا قَالَ اللهُ سبحانه وتعالى: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ([1]).