مَقْصُودُ الدَّاعيَةِ ثَوَابَ اللهِ سبحانه وتعالى
وَإِقَامَةَ دِينِهِ، وَإِصْلاحَ المَدْعوِّينَ علَى الطَّرِيقِ السَّلِيمِ، لا
يُرِيدُ عرَضًا مِنْ أَعرَاضِ الدُّنْيَا، ولا علُوًّا في الأرض، ولا رِيَاءً، ولا
سُمْعةً، ولا طَمَعا دُنْيَوِيًّا.
وإنَّمَا
يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ الله، وَيُرِيدُ أَيْضًا إِخْرَاجَ النَّاسِ من
الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ، وَمِنَ الضَّلالِ إِلَى الهُدَى، وَمِنَ الكُفْرِ إلى
الإيمان، وَمِنَ المَعصِيَةِ إلى الطَّاعة. هَذَا هُو المَقْصُودُ.
وَفِي
قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِلَى ٱللَّهِۚ
عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾
[يوسف: 108] التَّنْبِيهُ على الإخلاص؛ يَقُولُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عبْدِ
الوَهَّابِ رحمه الله علَى هَذِهِ الآيَةِ: ﴿إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108] فِيهِ التَّنْبِيهُ علَى الإِخْلاصِ؛ لأنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ إِنَّمَا يَدْعو إِلَى نَفْسِهِ.
أقول:
ولا يَدْعو إلى جماعة أَوْ حِزْبٍ أو شَخْصٍ غير محمَّد صلى الله عليه وسلم ولا
إلى مَذْهَبٍ غَيْرِ دين الإسلام، ولا إلى جماعة غير جماعة المسلمين أَهْلِ
السُّنَّة والجماعة ﴿وَقَالَ
إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾
[فصلت: 33].
فعلى
الدَّاعيَةِ أَنْ يَدْعو إلى الله، ولا يَدْعو إلى نَفْسِهِ؛ لأنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ يَدْعو إلى نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ فَإِذَا حَصَلَ علَيْهِ شَيْءٌ من
الأَذَى أو من التَّنْقِيصِ أَوْ مِنْ أَيِّ عائِقٍ مِنَ العوَائِقِ، تَأَثَّرَ؛
لأنَّ هذا عنده خدش في نَفْسِهِ وفي شَخْصِيَّتِهِ.
أمَّا
الَّذي يَدْعو إلى الله، فإنَّه لا يهمُّه أَمَدَحَهُ النَّاسُ أَوْ لَمْ
يَمْدَحُوهُ؛ لأنَّه يُرِيدُ وَجْهَ الله عز وجل وَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ فَهُوَ
في سَبِيلِ اللهِ عز وجل.
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ هَذَا المَنْهَجِ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الَّذِي يَدْعو إلى الله أن يَكُونَ علَى بَصِيرَةٍ؛ يَكُونُ علَى علْمٍ بِمَا يَدْعو إِلَيْهِ؛ بأن يتعلَّم أوَّلاً العلْمَ الَّذي يستطيع به أن يدعو النَّاسَ إلى الله عز وجل.