فالجَاهِلُ لا يَصْلُحُ للدَّعوَةِ، وإن كانت
نِيَّتُهُ صَالِحَةً، وإن كان يدعو إلى الله بِقَصْدِهِ وَعزْمِهِ، ولكن إذا لم
يكن عنده علْمٌ، فَإِنَّهُ لا يَصْلُحُ للدَّعوة؛ لأنَّه ليس معه مُؤَهِّلٌ
شَرْعيٌّ؛ لأنَّ الَّذي يدعو إلى الله يحتاج إلى أن يبيِّن للنَّاس الخَطَأَ مِنَ
الصَّوَابِ في العقيدة، وفي العبَادَاتِ، وَفِي المُعامَلاتِ، وفي الآداب
والأخلاق، وفي الأحوال الشَّخْصِيَّةِ، وفي جميع أمور الشَّرْع.
فَإِنَّه
يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ هَذِهِ الأَشْيَاءَ. وإذا لم يَكُنْ
عنْدَهُ علْمٌ فَكَيْفَ يُبَيِّنُ لَهُمْ؟! هل يقول فيها بِجَهْلٍ؟ يُحَلِّلُ
وَيُحَرِّمُ بِجَهْلٍ؟ هذه مصيبة عظيمة.
مِثلُ
هذا يُضَلِّلُ النَّاسَ، وَإِنْ كَانَ مَقْصِدُهُ حَسَنًا، إِلاَّ أنَّه بِعدَمِ
علْمِهِ يُضَلِّلُ النَّاسَ؛ قَدْ يُحَرِّمُ حَلالاً، وَقَدْ يُحِلُّ حَرَامًا،
وَقَدْ يُفْتِي خَطَأً، فلا يصلح للدَّعوة إِلاَّ من كان مؤهَّلاً بالعلم
الشَّرعيِّ المستفاد من كتاب الله وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم علَى
بَصِيرَةٍ.
والبَصِيرَةُ
هِيَ العلْمُ، والَّذي يدعو إلى الله يَعتَرِضُهُ خُصُومٌ، وَيَعتَرِضُهُ
مُشَبِّهُونَ، ويعترضه منافقون، فإذا لم يَكُنْ مُؤَهَّلاً بالعلم الشَّرْعيِّ
الَّذي يَسْتَطِيع بِهِ أَنْ يَرُدَّ علَى شُبُهَاتِهِمْ وَخُصُومَاتِهِمْ، فإنَّه
يَنْهَزِمُ مِنْ أَوَّلِ الطَّرِيقِ، وَيَنْتَصِرُونَ علَيْهِ، وَيَكُونُ هذا على
حساب الدَّعوة.
كيف
يستطيع أن يُجِيبَ علَى المُشْكِلاتِ وَعلَى الشُّبُهَاتِ وَعلَى التَّضْلِيلاتِ
إِنْسَانٌ لَيْسَ عنْدَهُ علْمٌ شَرْعيٌّ؛ فَالبَصِيرَةُ فِي الدَّعوَةِ - هي
العلم - مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدَّعوَةِ، أَمَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ
وَمُجَرَّدُ مَحَبَّةِ الخَيْرِ بِدُونِ علْمٍ، هذا لا يَكْفِي.
وَأَنْتُمْ
تَرَوْنَ الآنَ أَنَّ المحاضرين والوُعاظَ الَّذين يتكلَّمون في تجمُّعات النَّاس
يتعرَّضون لأسئلة وإجابات بعد كلِّ محاضرة، بَعدَ كُلِّ