×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

كَلِمَةٍ، فإذا لم يَكُنِ المُتَكَلِّمُ أو المُحَاضِرُ علَى علْمٍ، كيف يَسْتَطِيع أَنْ يُجِيبَ هَؤُلاءِ الجُمُوع الَّتي أَمَامَهُ؟

وقوله سبحانه: ﴿وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [يوسف: 108] تَنْزِيهُ اللهِ سبحانه وتعالى عمَّا لا يَلِيقُ بِهِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَكَذَلِكَ أَتْبَاع هَذَا الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يَتَبَرَّءُونَ مِنَ الشِّرْكِ، وَمِنَ المُشْرِكِينَ؛ لأنَّ الشِّرْكَ دَعوَةُ غَيْرِ الله عز وجل وَعبَادَةُ غَيْرِ الله عز وجل.

فالَّذي يَدْعو إلى الله لا بُدَّ أن يَتَبَرَّأَ مِنْ أَعدَاءِ اللهِ، وَيُوَالِي أَوْلِيَاءَ الله سبحانه وتعالى؛ لِقَوْلِهِ تَعالَى: ﴿وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ [فصلت: 33] فينتمي إلى حِزْبِ اللهِ، وَإِلَى المُسْلِمِينَ، لا ينتمي إلى المبادئ المَشْبُوهَةِ، أو الأحزاب المشبوهة، وإنَّما ينتمي إلى حزب الله، وإلى جماعة المسلمين المُخْلِصِينَ لله عز وجل.

هذه صِفَاتُ الدَّاعيَةِ الَّذي يقوم بهذا العمل الجليل. وَقَالَ تَعالَى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ [النحل: 125] وَالحِكْمَةُ وَضْع الشَّيْءِ فِي مَوْضِعهِ، وَتُطْلَقُ الحِكْمَةُ وَيُرَادُ بِهَا العلْمُ وَالفِقْهُ، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ [النساء: 113].

وقيل: الحِكْمَةُ هِيَ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ والأحاديث النَّبَوِيَّةُ؛ قال تعالى: ﴿وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ [البقرة: 269].

وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ [لقمان: 12] يَعنِي الفِقْهَ والبَصِيرَةَ؛ فَالحِكْمَةُ كَلِمَةٌ يُرَادُ بِهَا الفِقْهُ، وَيُرَادُ بِهَا وَضْع الشَّيْءِ فِي مَوْضِعهِ اللاَّئِقِ بِهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ [يوسف: 108] يَعنِي: علَى علْمٍ بِمَا أَدْعو إِلَيْهِ وفِي قَوْلِهِ تَعالَى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ [النحل: 125] والآَيَةِ الَّتِي بَعدَهَا.


الشرح