×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

تلتحف به المرأة، وما يسمى الجلباب الكبير الذي يكون على المرأة فوق ثيابها أمرها الله أن تضفيه على وجهها حتى لا يبدو من المرأة شيء يفتن الناس ﴿يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ [الأحزاب: 59] فَهَذَا أَمْرٌ للمرأة بالحِجَابِ علَى الجِسْمِ، وَعلَى جَمِيع المَفَاتِنِ الَّتِي يُخْشَى منها الخَطَرُ؛ قَالَ تَعالَى: ﴿وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسۡ‍َٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ [الأحزاب: 53] المُرَادُ بِذَلِكَ: أَزْوَاجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولكن الآية عامَّة؛ فهي لَفْظُهَا خَاصٌّ بِأَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لكن مَعنَاهَا عامٌّ لِجَمِيع النِّسَاءِ؛ لأنَّ نساء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قُدْوَةٌ للمؤمنات، واللهُ علَّلَ ذلك بعلَّة شاملة؛ وهي قوله: ﴿ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ [الأحزاب: 53] فأمر أن يُسْأَلْنَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ. والحجاب المراد به: السَّاتر لِلمَرْأَةِ من الثَّوب وَمِنَ الجِدَارِ أو الباب أو أيِّ شيء يستر المرأة عن الرَّجل حينما يخاطبها، أو يَسْأَلُهَا عن شَيْءٍ، أو تُنَاوِلُهُ شيئًا؛ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ؛ أي: مِنْ وَرَاءِ سَاتِرٍ.

فلا تُنَاوِلُهُ الشَّيْءَ وهي غير متستِّرة، أو وهي بادية ظاهرة، بل تَكُونُ مِنْ وَرَاءِ سَاتِرٍ يَسْتُرُهَا من ثَوْبِهَا، أَوْ مِنْ بَابِهَا، أو مِنْ جِدَارٍ... إلى غَيْرِ ذَلِكَ؛ لأنَّ في ذلك أَمْنٌ من الفتنة ﴿ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنََّۚ [الأحزاب: 53].

فإنَّه إذا تحجَّبت النِّسَاءُ ولم يَقَع نَظَرُ الرِّجال علَيْهِنَّ، سَلِمَتْ مِنَ الفتنة قُلُوبُ النِّساء، وَقُلُوبُ الرِّجال، وهذا وَاضِحٌ في مجتمع المسلمين المحافظين على الحجاب.

والمجتمع المحافظ على الحجاب في عافية من فساد الأخلاق، وإنَّما تَأْتِي المفاسد وَطَمَع الرِّجَالِ بالنِّساء مع عدم الحِجَابِ.


الشرح