وَقَوْلُهُ تَعالَى: ﴿ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 53] علَّةٌ عامَّة لجميع الأمَّة؛ لأنَّ
الحِجَابَ فِيهِ طَهَارَةٌ لِقُلُوبِ الرِّجال وقلوب النِّساء على حَدٍّ سواء.
وَهَذَا
مِنْ سَدِّ الطُّرُقِ الَّتِي تُفْضِي إلى فساد الأخلاق؛ مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُلًّا
مِنَ الرَّجُلِ والمَرْأَةِ يَسْلَمُ عرْضُهُ، وَيَسْلَمُ قَلْبُهُ مِنَ
الفِتْنَةِ.
وَمِنْ
سَدِّ الطُّرُقِ المُفْضِيَةِ للفِتْنَةِ مَنْع المرأة أن تَسَافِرَ وَحْدَهَا
بِدُونِ مَحْرَمٍ؛ لأنَّ المَحْرَمَ إذا كان مع المرأة، فإنَّه يَصُونُهَا
وَيَحْمِيهَا، وَيَقُومُ بِمَصَالِحِهَا؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ
وَاليَوْمِ الآَْخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ مَعَ ذِي
مَحْرَمٍ» ([1])،
وَفِي رِوَايَةٍ: «يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ»
([2])،
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنْ تُسَافِرُ» ([3])
بِدُونِ تَحْدِيدٍ.
فَالمَقْصُودُ
أَنَّ المَرْأَةَ لا تُسَافِرُ وَحْدَهَا بِدُونِ مَحْرَمٍ، فَإِنْ سَافَرَتْ
بِدُونِ مَحْرَمٍ، فَهِيَ عاصِيَةٌ للهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم
مُرْتَكِبَةٌ لِمَا حَرَّمَ الله، وَمُعرِّضَةٌ نَفْسَهَا لِلفِتْنَةِ. وَهَذَا
عامٌّ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ، وفي كلِّ الأزمان.
أمَّا ما يقوله بعض النَّاس من أنَّ المرأة إذا سافرت مع جماعة مِنْ نِسَاءٍ، فَإِنَّ هَذَا يَكْفِي عنِ المَحْرَمِ، فَهَذَا قَوْلٌ مُعارِضٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَْخِرِ أَن تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» ([4]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1864).