×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

قال سبحانه وتعالى: ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [آل عمران: 18] فَذَكَرَ شَهَادَةَ العلماء مع شهادته سبحانه وتعالى ومع شهادة المَلائِكَةِ الكِرَامِ على أَجَلِّ مَشْهُودٍ به؛ وهو التَّوحيد، وما ذلك إِلاَّ لِشَرَفِهِمْ وَمَكَانَتِهِم عند الله سبحانه وتعالى وَعنْدَ خَلْقِهِ.

وممَّا شَرَّفَهُمُ الله به أنَّ الله سبحانه وتعالى يرفعهم درجات؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ [المجادلة: 11].

وممَّا يَقْتَضِي شَرَفَهُمْ أَنَّ الله سبحانه وتعالى يستشهد بِقَوْلِهِمْ يَوْمَ القيامة حِينَمَا يَبْعثُ النَّاسَ وَيُقْسِمُ الَّذين كفروا ما لَبِثُوا غَيْرَ سَاعةٍ؛ قال تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ [الرُّوم: 56] فَدَلَّ ذَلِكَ علَى شَرَفِهِمْ وَمَكَانَتِهِم عند الله.

وَمِنْ شَرَفِ أَهْلِ العلم أَنَّ الله سبحانه وتعالى ذَكَرَ أَنَّهُمْ هُمْ أَهْلُ خَشْيَتِهِ؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ [فاطر: 28].

ذَكَرَ أَنَّ العلَمَاءَ الَّذِينَ يَعرِفُونَ اللهَ بِأَسْمَائِهِ وصفاته وبآياته، هم الَّذين يخشونه سبحانه وتعالى أمَّا الَّذِينَ يجهلون الله، ويجهلون أسماء الله، وصفاته، ولم يتدبَّروا في آياته، فهؤلاء لا يَخْشَوْنَ الله؛ لِجَهْلِهِمْ بالله سبحانه وتعالى.

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا, يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ([1]).

فَمَنْ فَقَّهَهُ الله في الدِّين وصار مِنْ أَهْلِ العلْمِ، فإنَّ الله أراد به خيرًا، ومن لم يُفَقِّهْهُ اللهُ في الدِّين، فإنَّه لم يُرِدْ به خيرًا.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (71)، ومسلم رقم (1037).