وَمَا دَامَ العلَمَاءُ مَوْجُودِينَ في
الأمَّة، فإنَّ الأمَّة بخير، وإنَّما تَضِلُّ الأمَّة إذا فُقِدَ العلماء، كما
قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لاَ
يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ
الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ
النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا
وَأَضَلُّوا» ([1]).
·
ما يترتَّب
على وجود العلماء في الأمَّة وعلى فَقْدِهِم:
فما
دام العلَمَاءُ مَوْجُودِينَ، فإنَّ الأُمَّةَ بِخَيْرٍ، ولا يتمكَّن شياطين الإنس
وشياطين الجِنِّ مِنْ إِغْوَاءِ النَّاسِ وإضلالهم؛ لأنَّهم يُبَيِّنُونَ للنَّاس
طَرِيقَ الخَيْرِ، وطريق الصَّواب، وَيُحَذِّرُونَهُمْ مِنْ طَرِيقِ الهَلاكِ.
وَإِنَّمَا
نعني بالعلماء هنا علماء الشَّريعة الَّذين تفقَّهوا في دِينِ الله، وَعرَفُوا
أحكام الله سبحانه وتعالى. هؤلاء العلَمَاءُ على الحقيقة؛ أمَّا المتعالمون
الَّذين يَدَّعونَ العلْمَ، فهم لم يتفقَّهوا في دين الله، فهؤلاء لَيْسُوا
بعلماء.
بل
هؤلاء يُسَمَّوْنَ بالقُرَّاءِ؛ لأنَّهم وإن كانوا يقرءون بالكتب، ويطالعون في
الكتب، ولكن لم يَسْبِقْ لهم أن دَرَسُوا على العلماء، لم يَسْبِقْ لهم أن
أَخَذُوا العلم عن أَهْلِهِ، فحملوه عن أهله.
فهؤلاء
ليسوا بالعلَمَاءِ، هؤلاء قُرَّاءٌ، وقد جاء في الحديث أنَّه في آخر الزَّمان
يَقِلُّ الفُقَهَاءُ وَيَكْثُرُ القُرَّاءُ.
إنَّما نعني بأهل العلم الَّذِينَ تَفَقَّهُوا في دِينِ الله، وَعرَفُوا الحَلالَ وَالحَرَامَ، وَتَحَمَّلُوا العلْمَ عن أَهْلِهِ خَلَفًا عن سَلَفٍ، هؤلاء هم العلَمَاءُ الَّذِينَ يُعنَوْنَ بهذه النُّصُوصِ مِنْ هَذِهِ الآيات الكريمة الَّتي سمعتم وهذه الأحاديث.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (100)، ومسلم رقم (2673).