وَبَعثَ اللهُ نَبِيَّهُ نُوحًا عليه السلام
يَدْعوهُم إلى الرُّجُوع إِلَى التَّوحيد وعبادة الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ؛ ﴿وَأَصَرُّواْ
وَٱسۡتَكۡبَرُواْ ٱسۡتِكۡبَارٗا﴾
[نوح: 7] ﴿وَقَالُواْ
لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾ [نوح: 23]
هذا كُلُّهُ بِسَبَبِ فَقْدِ العلماء، وفي الحديث الَّذي سمعتم أنَّ النَّبيَّ صلى
الله عليه وسلم لَمَّا أَخْبَرَ عن قَبْضِ العلماء في آَخِرِ الزَّمَانِ، وَأَنَّ
النَّاسَ إذا لم يَجِدُوا عالِمًا اتَّخذوا رُءوسًا جُهَّالاً، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ
علْمٍ، فَضَلُّوا، وَأَضَلُّوا ([1]).
يَكُونُ
ضَلالُ النَّاسِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِسَبَبِ فَقْدِ العلماء، وَبِسَبَبِ
فَتَاوَى الجُهَّالِ والمُتَعالِمِينَ؛ فَهَذَا يَدُلُّ دِلالَةً وَاضِحَةً على
مكانة العلماء في الأمَّة، وَأَنَّهُ يَجِبُ أن يُعرَفَ لَهُمْ قَدْرُهُم، وأن
يُسْتَغَلَّ وُجُودُهُم، فَيُسْتَفَادَ مِنْهُم قبل أن يموتوا.
·
المقصود
بالعلماء:
وَنَحْنُ
إِنَّمَا نَقْصِدُ بالعلماء العاملين بعلمهم؛ العلَمَاءَ المُتَفَقِّهِينَ فِي
دِينِ الله عز وجل أَهْلَ الاستقامة والصَّلاح. هؤلاء هم العلماء المَقْصُودُونَ.
أمَّا
علماء الضَّلال فقد حذَّرنا منهم رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه
الصلاة والسلام: «وَإِنَّمَا أَخَافُ
عَلَى أُمَّتِي الأَْئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ» ([2]).
فعلماء
الضَّلال خَطَرٌ على الأُمَّةِ، وَهُمْ مِنْ أَتْبَاع الشَّيْطَانِ؛ يُزَيِّنُونَ للنَّاس
الضَّلال والانحراف والبِدَع والخُرَافَاتِ والانْصِرَافَ عنِ الدِّين الصَّحيح،
فَيُضِلُّونَ النَّاس والعياذ بالله.
هؤلاء حَذَّرَنَا اللهُ سبحانه وتعالى منهم؛ قَالَ تَعالَى: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (100)، ومسلم رقم (2673).