×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

وَكَذَلِكَ يَجِبُ علينا إذا أَشْكَلَ علَيْنَا شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ دِينِنَا؛ سَوَاءٌ في العقيدة - وهذا أَهَمُّ شَيْءٍ - أو في العبادات، أو في المُعامَلاتِ، أَوْ فِي أَيِّ إِشْكَالٍ يَعرِضُ لَنَا، يَجِبُ علَيْنَا أَنْ نَسْأَلَ أَهْلَ العلْمِ عنْ مُشْكِلاتِنَا.

قال سبحانه وتعالى: ﴿فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ [الأنبياء: 7].

أَمَرَ سبحانه وتعالى مَنْ لا علْمَ عنْدَهُ أَنْ يَسْأَلَ أَهْلَ العلْمِ، وَبِذَلِكَ يَزُولُ جَهْلُهُ، وَيَهْتَدِي إِلَى الصَّوَابِ.

وَمَا أَمَرَ سبحانه وتعالى بِسُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ إِلاَّ لأنَّه يَجِبُ قَبُولُ قَوْلِهِمْ، والعمَلُ بِمَا يُرْشِدُونَ إِلَيْهِ، وأن لا نصدر إِلاَّ عن آرائهم وأقوالهم، مَا دَامَتْ أَنَّهَا على الصَّواب وَحَسَبَ الدَّليل، ما لم يَظْهَرْ لنا خَطَأُ شَيْءٍ مِنْهَا، أو مُخَالَفَتُهُ لِدَلِيلٍ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ علَيْنَا الأَخْذُ بِذَلِكَ؛ لأنَّ الله أَرْشَدَنَا لذلك.

وَلَوْ لَمْ نَسْأَلْ أَهْلَ العلم، لَبَقِينَا في الجَهْلِ، وَلَوَقَعنَا في الخَطَرِ، ولم نَصِلْ إلى الصَّواب، لا نَعتَمِدُ على آرائنا، أو أقوال الجُهَّالِ، أو المتحرِّصين في المسائل، وإنَّمَا نَرْجِع إلى أَهْلِ العلْمِ، وَنَفْزَع إلى أَهْلِ العلْمِ عنْدَ المُشْكِلاتِ.

ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كَانَ فِيمَنْ قَبْلَنَا رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعا وتسعين نفسًا ظلمًا وَعدْوَانًا، ثُمَّ إِنَّهُ وَقَع في نفسه الرُّجُوع إلى الله سبحانه وتعالى والتَّوْبَةُ، ولكنَّه استعظم ذَنْبَهُ، وَخَشِيَ أن لا يَكُونَ له تَوْبَةٌ؛ لِعظَمِ ذَنْبِهِ؛ لأنَّه قَتَلَ تِسْعا وَتِسْعينَ نَفْسًا عمْدًا وَعدْوَانًا بِغَيْرِ حَقٍّ.

فَخَشِيَ الرَّجُلُ لِجَهْلِهِ أَنْ لا تَوْبَةَ له، فَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ، فَذَهَبَ إلى عابِدٍ مِنَ العبَّادِ جَاهِلٍ لَيْسَ عنْدَهُ علْمٌ، فَسَأَلَهُ، وَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعا وَتِسْعينَ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟.


الشرح