الهَوَى والعصَبِيَّةَ؛ ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا
وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ
ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣﴾ [العنكبوت: 2- 3].
وقال
سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوۡ
شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ
١١٨إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ
لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ ١١٩﴾ [هود: 118- 119] فحصول هذا التَّفرُّق، وهذا الاختلاف،
ابتلاء من الله سبحانه وتعالى وإِلاَّ فَهُوَ قَادِرٌ - سبحانه - أن يَجْمَعهُمْ
على الحَقِّ؛ ﴿وَلَوۡ
شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ﴾
[الأنعام: 35].
هو
قادر على هذا، لكن حكمته اقتضت أن يبتليهم بوجود التَّفرُّق والاختلاف، من أجل أن
يتميَّز طالب الحقِّ من طالب الهوى والتَّعصُّب.
وما
زال علماء الأمَّة في كلِّ زمان ومكان يَنْهَوْنَ عن هذا الاختلاف، ويوصون
بالتَّمَسُّكِ بكتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم في كتبهم الَّتي
بَقِيَتْ بعدهم.
تجدون
في كتاب «صحيح البخاريِّ» مثلاً: «كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة»؛
وتجدون في كتب العقائد ذكر الفِرَقِ الهالكة، وذكر الفرقة النَّاجية، وأقرب شيء
لكم شرح الطَّحاوية، وهي بين أيديكم الآن.
والغرض
من هذا بيان الحقِّ من الباطل؛ إذ وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من
التَّفَرُّقِ والاختلاف.
فالواجب أن نعمل بما أوصانا به الرَّسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعدِي» ([1]).
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).