×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

 والمُجَامَلَةُ لا تنفع في هذا، المسألة مسألة جنَّة أو نار، والإنسان لا تأخذه المجاملة، أو يأخذه التَّعصُّبُ، أو يأخذه الهَوَى في أن يَنْحَازَ مع غير أهل السُّنَّة والجماعة؛ لأنَّه بذلك يَضُرُّ نَفْسَهُ، وَيُخْرِجُ نَفْسَهُ من طريق النَّجاة إلى طريق الهلاك.

وأهل السُّنَّة والجماعة لا يَضُرُّهُم مَنْ خَالَفَهُمْ؛ سواء كُنْتَ معهم، أو خالفتهم؛ إن كنت معهم فالحمد لله، وهم يفرحون بهذا؛ لأنَّهم يريدون الخير للناس، وإن خالفتهم فأنت لا تَضُرُّهُم. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» ([1]).

فَالمُخَالِفُ لا يَضُرُّ إِلاَّ نَفْسَهُ.

وليست العبْرَةُ بِالكَثْرَةِ، بل العبْرَةُ بالمُوَافَقَةِ للحَقِّ، ولو لم يكن عليه إِلاَّ قِلَّةٌ من النَّاس، حتَّى ولو لم يكن في بعض الأزمان إِلاَّ واحد من النَّاس؛ فهو على الحق، وهو الجماعة.

فلا يلزم من الجماعة الكَثْرَةُ، بل الجماعة مَنْ وَافَقَ الحَقَّ، وَوَافَقَ الكتاب والسُّنَّة، ولو كان الَّذي عليه قليل.

أمَّا إذا اجتمع كثرة وَحَقٌّ، فالحمد لله، هذا قوَّة. أمَّا إذا خالفته الكثرة، فنحن ننحاز مع الحقِّ، ولو لم يكن معه إِلاَّ القليل.

وما أخبر به صلى الله عليه وسلم من حصول التَّفَرُّقِ والاختلاف قد وقع، ويتطوَّر كلَّما تأخَّر الزَّمان؛ يتطوَّر التَّفرُّق والاختلاف إلى أن تقوم السَّاعة، حكمة من الله سبحانه وتعالى ليبتلي عباده، فيتميَّز من كان يطلب الحقَّ، ممَّن يُؤْثِرُ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1920).