×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأَصْحَابِي» ([1]).

هذا مِثْلُ قَوْلِهِ: «وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» ([2])؛ فالجماعة هي الَّتي تَكُونُ على ما كان عليه الرَّسول صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، ولو كانت قَلِيلَةً.

ليس مِنْ شَرْطِ الجماعة أن تكون كثيرة؛ ليس ذلك دليلاً على الحقِّ؛ قال تعالى: ﴿وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ [الأنعام: 116] ما داموا يتَّبعون الظَّنَّ، فَإِنَّهُم يَضِلُّون عن سبيل الله، ولو كانوا آلافَ الأُلُوفِ، أو مئات الألوف، أمَّا مَنْ كَانَ علَى الحَقِّ، فإنَّه هو الجماعة، وهو الفرقة النَّاجية المنصورة، وهو الطَّائفة المنصورة، ما دام أنَّه على الحَقِّ، ولو كان واحدًا، أو عدَدًا قليلاً؛ هُمُ الفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ، وهم الطَّائفة المنصورة، وهم أهل السُّنَّة والجماعة.

وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعالَى» ([3])، ولكن هذا يحتاج إلى صَبْرٍ.

فالتَّمسُّك بما عليه الرَّسول صلى الله عليه وسلم والتَّمسُّك بما عليه الجماعة، فإن أصحاب هذا المذهب هم الفِرْقَةُ النَّاجية، وهم أَهْلُ السُّنَّة والجماعة، وطريقهم يحتاج إلى الصَّبر، خصوصًا في آخر الزَّمان؛ لأنَّه في آخر الزَّمان المتمسِّك بسنَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم الملازم لجماعة المسلمين يَلْقَى مَشَقَّةً عظِيمَةً كما جاء في الحديث أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي آَخِرِ الزَّمَانِ فِتَنٌ، يَكُونُ القَابِضُ على دينه كالقابض على الجَمْرِ، أو على خَبْطِ الشَّوْكِ؛ يحتاج إلى صبر.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2641).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2167)، والحاكم رقم (393).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (1920).