فَهُوَ
قَلْبٌ لاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَْرْضُ»
([1]).
فالفِتَنُ هذه تُعرَضُ على قلوب النَّاس، فأيُّ قلب أَنْكَرَهَا...
ولكن
القلب الَّذي يُنْكِرُهَا هُوَ القلب الفَقِيهُ المتفقِّه في كتاب الله عز وجل
الَّذي يَعرِفُ حُكْمَ الله في هذه الأمور، أمَّا الجاهل فقد تَنْطَلِي علَيْهِ،
وقد يُعجَبُ بها، ويعتبرها من الحضارة والرُّقِيِّ، وأنَّ الابتعاد عنها يعتبر
مِنَ الجَفَاءِ والجَلافَةِ كما يقولون.
والحَقُّ أنَّه لا عاصِمَ من هذه الفتن إِلاَّ ما جَعلَهُ اللهُ سبحانه وتعالى عاصمًا منها، وهو كتاب الله، وسُنَّةُ رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ﴾ [إبراهيم: 1] وقال سبحانه وتعالى: ﴿ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 3]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا ٩وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ١٠﴾ [الإسراء: 9- 10] وقال سبحانه وتعالى في أَوَّلِ سُورَةِ البقرة ثانية سور المصحف الشَّريف: ﴿الٓمٓ ١ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٤أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٥﴾ [البقرة: 1- 5] ذَكَرَ الله في مَطْلَع هذه السُّورة أَنَّ هذا القرآن هُدىً للمتَّقين، للمتَّقين خاصَّة، ثمَّ بَيَّنَهُمْ؛ بَيَّنَ مَنْ هُمُ المتَّقون؛ ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٤﴾ [البقرة: 3- 4] ثُمَّ حَكَمَ لهم
([1]) أخرجه: مسلم رقم (144).