الإسلام بِيَدِ الله سبحانه وتعالى فَنَحْنُ لا
نَمْلِكُ أن نَبْقَى على الإسلام إلى أن نموت، وإنَّمَا هذا بيد الله سبحانه
وتعالى ولكن معنى هذا أنَّنا نأخذ بالأسباب الَّتي تسبِّب البقاء على الإسلام إلى
الموت: الأسباب الواقية.
فإذا
أَخَذْنَا بالأسباب، فَإِنَّ اللهَ سبحانه وتعالى بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ يتمِّم
علينا نِعمَتَهُ، ويتوفَّانا على الإسلام؛ لأنَّنا بَذَلْنَا الأسباب، وَسَعيْنَا في
النَّجاة، والله جل وعلا حَلِيمٌ كَرِيمٌ، إذا رأى مِنْ عبْدِهِ حِرْصًا على الخير
وَرَغْبَةً فيه، وَبُغْضًا للشَّرِّ وخوفًا منه، فإنَّ الله سبحانه وتعالى
يسدِّده، وَيَقِيهِ، وَيَحْمِيهِ، ويسلِّم له دِينَهُ، ويتمِّم له بِخَيْرٍ.
أمَّا
إذا رَأَى مِنْ عبْدِهِ إِعرَاضًا، وَعدَمَ رَغْبَةٍ في الخير، وَعدَمَ
كَرَاهِيَةٍ للشَّرِّ، فإنَّ الله سبحانه وتعالى يُوَلِّيه ما تَوَلَّى؛ عقُوبَةً
له، وَعدْلاً منه سبحانه وتعالى قَالَ تَعالَى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ
لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا
تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا﴾
[النساء: 115] فَصَارَ السَّبَبُ مِنْ قِبَلِ العبد؛ يُشَاقِقُ الرَّسول، ويتَّبع
غير سبيل المؤمنين؛ السَّبَبُ مِنْ قِبَلِهِ، والعقُوبَةُ مِنَ الله سبحانه وتعالى:
﴿نُوَلِّهِۦ مَا
تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا﴾
[النساء: 115].
والفِتَنُ
جَمْع فِتْنَةٍ؛ والفِتْنَةُ مَعنَاهَا: الامتحان والابتلاء؛ لِيَظْهَرَ بذلك
صِدْقُ الإيمان أو النِّفاق؛ قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ
فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ﴾ [العنكبوت: 10] فلا يصبر عند الفتن ليثبت على الحقِّ؛
وإنَّمَا يَفِرُّ مِنْ دِينِهِ، وَيُطَاوِع الصَّوَارِفَ؛ يَظُنُّ أَنَّهُ
بِذَلِكَ يَنْجُو، وإنَّمَا خَرَجَ مِنْ شَرٍّ إلى ما هو شَرٌّ مِنْهُ،
كَالمُسْتَجِيرِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بالنَّارِ؛ جَعلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعذَابِ
الله.
وهل
فِتْنَةُ النَّاسِ تُعادِلُ عذَابَ الله؟! إِنَّهُ إذا تَرَكَ دِينَهُ،
وَتَجَاوَبَ مع الفَاتِنِينَ وَطَاوَعهُمْ، خَرَجَ إلى عذاب الله، ولو أنَّه
صَبَرَ على أَذَى النَّاس