وَصَبَرَ على أذى العباد، وتمسَّك بدينه، لكان
هذا الأَلَمُ الَّذي يُلاقِيهِ مُؤَقَّتًا، والفرج قريب، والعاقبة حميدة، ولكنَّه
بالعكس؛ لم يَصْبِرْ على أذى النَّاس، وَفِتْنَةِ النَّاس، بل أطاعهم في معصية
الله، وأجابهم إلى ما سألوا مِنَ الكُفْرِ بالله، فَصَارَ إلى عذاب الله
المُؤْلِمِ.
فالفتنة
هي الابتلاء والامتحان؛ لِيَظْهَرَ بذلك الصَّادق في إيمانه، الثَّابت على عقيدته،
مِنَ المُذَبْذَبِ المُزَعزَع الَّذِي تَعصِفُ به أَوَّلُ عاصِفَةٍ من الفِتَنِ.
·
الفقه في
الدين:
أَمَّا
الفِقْهُ في الدِّين، فالفقه لُغَةً: الفَهْمُ، وَشَرْعا: الفَهْمُ في أحكام الله
تعالى الوَارِدةِ في كتاب الله وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لأنَّ الله
أنزل هذا القرآن، وأنزل السُّنَّة النَّبويَّة هُدىً للنَّاس؛ فيها الهُدَى، وفيها
بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يحتاجه العبَادُ في أمور دِينِهِم، وما يُسْعدُهُم في
الدُّنيا والآخرة.
ضَمَّنَ
اللهُ هَذَا الكِتَابَ كُلَّ ما يحتاجه البَشَرُ؛ فيه الكفاية وإلى جانبه بَيَانُ
الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَسُنَّةُ الرَّسول المُبَيِّنَةُ للقُرْآَنِ،
المُفَسِّرَةُ للقُرْآَنِ؛ قَالَ تَعالَى: ﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ
مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ﴾
[النحل: 44].
فالرَّسول
مُبَيِّنٌ، وَمُبَلِّغٌ، وَمُفَسِّرٌ لهذا الكتاب العظيم؛ فالكتاب والسُّنَّةُ
فِيهِمَا الهِدَايَةُ مِنَ الضَّلال، وَبَيَانُ طَرِيقِ الخير، وَطُرُقِ الشَّرِّ.
فالفقه في الدِّين هو أن نَعقِلَ وَنَفْهَمَ من كتاب الله، وَسُنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم حُكْمَ ما يَعرِضُ لَنَا مِنَ المشكلات، وما يُعرَضُ علَيْنَا من الفِتَنِ؛ حتَّى نتجنَّبها، ونأخذ طريق النَّجاة. هذا هو الفِقْهُ في الدِّين.