×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

بَعضَهُمْ بِبَعضٍ؛ يَبْتَلِي المؤمن بالكافر، وَيَبْتَلِي المؤمن بالمنافق، وَيَبْتَلِي عباده بعضهم ببعض؛ قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ [محمد: 4] وقال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضٖ فِتۡنَةً [الفرقان: 20].

فالمؤمن والمسلم يُبْتَلَى بأعدائه من الكفَّار والمنافقين والعصاة؛ ليتجلَّى مَوْقِفُهُ منهم بالدَّعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنَّهْيِ عن المنكر، والجهاد، أو الاستسلام والإخلاد إلى الرَّاحة.

فإن كانت الأولى - وهي: العودة إلى الله، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، والجهاد - كان على خَيْرٍ، وَنَجَحَ في الامتحان، وإن كانت الثَّانية؛ وهي: الاستسلام والإخلاد إلى الرَّاحة، وَعدَمُ التَّعرُّضِ للنَّاس وهم على شَرِّهم، وعدم دعوتهم إلى الله، وعدم الأمر بالمعروف والنَّهى عن المنكر، وعدم الجهاد في سبيل الله، إِنَّمَا استسلم وأخلد إلى الرَّاحة - كانت الخسارة والإخفاق في الامتحان؛ قال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضٖ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ [الفرقان: 20] كذلك يبتلي الغَنِيَّ بالفقير؛ قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لِّيَقُولُوٓاْ أَهَٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ [الأنعام: 53] الكفَّار يحتقرون فقراء المسلمين، ويقولون: أهؤلاء مَنَّ الله عليهم مِنْ بَيْنِنَا؟! هؤلاء ناس فقراء، ليس بأيديهم شيء كيف يكونون هم على الهدى ونحن الضُّلاَّل؟ نحن أهل المال، ونحن أهل الثَّروة، ونحن أهل الرِّئاسة وأهل الرَّأي، وأهل الحَلِّ والعقْدِ، وهؤلاء فقراء مساكين، ومع هذا يزعمون أنَّهم خَيْرٌ مِنَّا، وأنَّهم... ﴿أَهَٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ [الأنعام: 53] يقول الله تعالى: ﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ


الشرح