[الأنعام: 53] الله جل وعلا لا ينظر إلى
صُوَرِكِم وأموالكم، وإنَّما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم؛ فالفقير الشَّاكر، المؤمن
بالله، الرَّاغب في الخير، هذا هو وَلِيُّ الله تعالى، أمَّا المستكبر والمتعالي
على الحقِّ الَّذي أُعجِبَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَجَاهِهِ، ولم يَقْبَلِ الحَقَّ،
فهذا لا يساوي عند الله شيئًا، وإن كان يساوي عند نفسه شيئًا كبيرًا، فإنَّه لا
يساوي عند الله شيئا.
قال
تعالى: ﴿أَهَٰٓؤُلَآءِ
مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ﴾
[الأنعام: 53] يعني: هؤلاء حصلوا على الهداية دُونَنَا، وهم بهذه الحالة من الفقر
والفاقة والحاجة؟! نحن أَعزُّ منهم، ونحن أكبر منهم. هذا بزعمهم؛ لأنَّ المقاييس
عندهم مقاييس الغِنَى والثَّروة والجاه، وليس مقاييس القلوب والأعمال.
أمَّا
المقاييس عند الله جل وعلا فهي بالقلوب والأعمال «وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ، وَأَعْمَالِكُمْ» ([1])؛
والله جل وعلا يعطي الدُّنيا لمن يُحِبُّ ومن لا يُحِبُّ، ولكنَّه لا يعطي هذا
الدِّين إِلاَّ لِمَنْ يُحِبُّ؛ قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لِّيَقُولُوٓاْ
أَهَٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ﴾ [الأنعام: 53].
·
التفرق
والاختلاف من أعظم الفتن:
كذلك
مِنْ أَعظَمِ الفِتَنِ فِتْنَةُ التَّفرُّق والاختلاف، وظهور الفِرَقِ والجماعات.
هذا مِنْ أَعظَمِ الفِتَنِ، وهذا شَيْءٌ أَخْبَرَ عنْهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه
وسلم.
فإنَّه صلى الله عليه وسلم كما في حديث العرْبَاضِ بن سارية رضي الله عنه قال: وَعظَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ» ([2]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2564).