×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

السَّمع والطاعة تَعنِي: لِوُلاةِ أُمُورِ المسلمين؛ لِمَا في ذلك من اجتماع الكلمة، وقوَّة الأمَّة، وَهَيْبَةِ الأمَّة أمام أعدائها، إذا اجتمعت تحت قيادتها، وتحت ولايتها المؤمنة؛ فَإِنَّ ذلك يَجْعلُ للأمَّة هَيْبَةً وَقُوَّةً.

«وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ» ([1])؛ يَعنِي: لا تَحْتَقِرُوا وَلِيَّ الأمر مهما كان، بل اسمعوا وأطيعوا، ما دام أنَّه يأمر بطاعة الله.

«فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا» ([2]). هذا خَبَرٌ منه صلى الله عليه وسلم بِوُقُوع الاختلاف بَيْنَ المسلمين، وهو صلى الله عليه وسلم لا يَنْطِقُ عن الهَوَى، فلا بُدَّ أن يقع ما أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ عاجِلاً، وَإِنْ آَجِلاً.

«فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا»، ما قال: «سَيَرَى اخْتِلاَفًا» فَقَطْ، بل قَالَ: «كَثِيرًا»، ثُمَّ أَرْشَدَ صلى الله عليه وسلم إلى ما يُنَجِّي مِنْ شَرِّ هذا الاختلاف، فقال: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعدِي تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([3]).

هكذا أَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم عن وقوع الاختلاف في الآراء والأفكار، والمذاهب والجماعات والفِرَقِ، لكنَّه أوصى عند ذلك بالتَّمَسُّكِ بكتاب الله وسنَّته صلى الله عليه وسلم وَمَا كَانَ عليه الخلفاء الرَّاشدون؛ فإنَّ ذلك ضَمَانَةُ النَّجاة لِمَنْ عمِلَ به.

أمَّا من أَفْلَتَتْ يَدُهُ من سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وَمَنْهَجِ الخلفاء الرَّاشدين، فإنَّه سيقع مع هذه الفِرَقِ المختلفة.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).

([3])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).