×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 ولا شك أن هذا شاق ويحتاج إلى صبر وتحمل، ولكن عند الشعور بالأجر والثواب يسهل هذا، وتسهل المشقة، إذا تصور الإنسان أنه يرجو ثواب الله، وأنه يثاب على جهوده وأنه لا يضيع له شيء عند الله؛ إذا تذكر هذا؛ تهون عليه المشقة، وأعانه ذلك على الصبر، والاستمرار في أداء المهمة التي تحملها الإنسان، قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ، وهي أمانة التكاليف والواجبات، ليست الأمانة الأموال فقط والودائع كما يفهمه بعض الناس، لا، هذا جزء بسيط من الأمانة، الأمانة أكبر من هذا، فهي أمانة الأوامر والنواهي والدين، ﴿عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا عرضها الله عرض تخيير لا عرض إلزام، بل عرض تخيير، فآثرن السلامة، ﴿وأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا، أي: خفن من مسؤوليتها، ﴿وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ، الإنسان: آدم وبنوه، ﴿إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا [الأحزاب: 72]، هذا الأصل في الإنسان إنه ظلوم جهول إلا إذا هداه الله ووفقه فإنه يكون صالحا مصلحا، والتعليم من الأمانة التي حملنا الله إياها، بل هو أعظم أنواع الأمانة، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على أداء مهمتنا وأمانتنا، وأن يكتب لنا ولكم الأجر والثواب، وتعلمون أن كل طالب إذا أصلحه الله؛ فإنه يعود ثوابه أول شيء إلى مدرسه الذي وجهه وعلمه، قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِح يَدْعُو لَهُ» ([1])، فهؤلاء يجري أجرهم لكم أحياء وأمواتا، إذا أصلحت فيهم ووجهتموهم يجري أجرهم لكم أحياء وأمواتًا، هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

**********


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1631).