الصحابة رضي الله عنهم لما
توفي الرسول صلى الله عليه وسلم واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة يريدون أن ينصبوا لهم
إمامًا يرجعون إليه بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، اتفق رأيهم على أبي بكر الصديق
رضي الله عنه، واجتمع رأيهم على هذا ما قال كل واحد: أنا زعيم، وأنا لي مكانة!؛ بل
انقادوا لهذا عن طواعية وعن رغبة رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأن هدفهم الحق، وليس
الطمع والدنيا والرئاسة.
فالذي همه الرئاسة والطمع هذا لا حيلة فيه، أما الذي هدفه الحق فهذا ينقاد
مع الحق، ومع من يقوم به، سمعتم الحديث: «أُوصِيكُمْ
بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا» ([1])، وفي رواية: «عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ
زَبِيبَةٌ» ([2])، وفي رواية: «وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَْطْرَافِ»
([3])، لأنه ولي الأمر،
لأن الجماعة إنما بولي الأمر، ولا يقوم ولي الأمر إلا بالسمع والطاعة.
فالذي هدفه الحق لا يهمه المنصب جاء أو ما جاء، وإن جاءه فهو يستغله في طاعة الله وفي نصرة هذا الدين، ما يستغله في منافعه الخاصة؛ وهذا ينبني على إخلاص النية لله عز وجل.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4609)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142).