يعني: في طلب العلم، ما يتأتى أن الناس كلهم يأتون ويطلبون العلم، لكن ينفر
منهم طائفة ولو قليلة، ﴿فَلَوۡلَا نَفَرَ
مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ
وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: 122]. لا
بد أن يتأهل الداعية أولا بأن يتفقه في الدين، ثم إذا تأهل فإنه يدعو إلى هذا الدين،
﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ
إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾
وأول ما يبدأ به الداعية: قومه، أهل بلده وعشيرته: ﴿وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214].
فيبدأ بقومه وأهل بلده أولا، ثم يتمدد الخير بإذن الله..
فأنتم والحمد الله هياتم أنفسكم لهذا الأمر العظيم، وأنتم على خير كثير،
وفي سبيل الله، وفي مرضاة الله، فعليكم بالتزود من العلم النافع، وعليكم بمعرفة
الانحرافات التي في الطريق؛ حتى تتجنبوها وجنبوها غير كم، ما يكفي أن تعرف الخير
فقط، لا بد أن تعرف الشر أيضا من أجل أن تحذره وحدر منه، ولهذا قال حذيفة بن
اليمان رضي الله عنه: «كَانَ النَّاسُ
يَسْألون رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ
عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي» ([1]). فالإنسان يتعلم،
والله ذكر لنا في القرآن العظيم مقالات الكفار ومذاهب الكفار من أجل أن نحذرها
وتحذر منها، بعدما بين لنا طريق الإيمان والمنهج الصحيح؛ بين لنا منهج الكفار حتى
نتجنبه ونُجنبه غيرنا.
فلا بد أن نعرف عقيدتنا، ونعرف ما يضادها ويخالفها، حتى نكون على بصيرة: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).