يعني: على علم، البصيرة هي
العلم ﴿أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108]. فمن
اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يدعو إلى الله على بصيرة وعلى علم، وهذا ما
سعيتم فيه والحمد الله؛ أنكم جئتم تتبصروا في سبيل الله، ولتتأهلوا للدعوة إلى
الله، ولتعليم الناس الخير وتحذيرهم من الشر.
وأنتم تعلمون ما يعج به العالم الآن من الفتن، من أنفسهم ومن عدوهم، من
بينهم هم: بعضهم مع بعض، وعدوهم أيضا ينشر فيهم الفتنة، وينشر فيهم الاختلاف،
وينشر فيهم المذاهب الفاسدة، الكفار يحرصون على نشر البدع، وعلى نصرة المبتدعة، وعلى
نصرة القبوريين؛ لأنهم يعلمون أن هذا هدم للإسلام باسم الإسلام، فلنحذر من هذه
الدسائس وهذه الأفكار بعدما نعرف المنهج الصحيح ونسير عليه بإذن الله؛ لا بد أن
نعرف ما يضاده وما يخالفه؛ حتى نتجنبه ونكون على بصيرة.
لما تسير في طريق ولا تعرف ما فيه من الحفر ولا تعرف ما فيه من الأخطار؛
ربما تهلك في أثناء الطريق بما يعترضك من المخاطر، أما إذا عرفت الطريق وسبرته،
فإنك بإذن الله تتجنب هذه الأخطار.
وهذا هو منهج الإسلام: أن تعرف الإسلام أولا، ثم تعرف ما يخالفه وما يضاده،
وتعرف الأفكار المنحرفة حتى لا تروج أو تروق لك؛ لأنهم يحسنونها ويزخرفونها ويغرون
بها، فلنكن على حذر من دعاة الضلال: «دُعَاةُ
عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» ([1]).
والله جل وعلا أوصانا فقال: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ﴾، صراط الله هو القرآن والسنة، ثم قال: ﴿وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).