ولما قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من
تفسي، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»،
فقال عمر رضي الله عنه: إنه الآن -والله- لأنت أحب إلى من نفسي، قال: «الآْنَ يَا عُمَرُ» ([1]).
وهذه المحبة بعد محبة الله سبحانه وفوق محبة المخلوقين، ومحبة المخلوقين
تكون لله وفي الله- لا مع الله-؛ فإن محبة المخلوق مع الله شرك أكبر؛ فالمشركون
يحبون الله ويحبون معه غيره، والمؤمنون يحبون الله وحده، ولا يحبون معه غيره.
وهناك من يقدم محبة الأولياء والصالحين والصادة على محبة الرسول صلى الله
عليه وسلم -ولهذا ضلال-، نعم أولياء الله يكون، ولكن لا يحبون كمحبة الرسول صلى
الله عليه وسلم، فمحبة الرسول لا ينالها أحد من البشر، ولهذا من حقوقه صلى الله
عليه وسلم علينا أن نحبه أشد من محبتنا لأنفسنا ووالدينا وأولادنا والناس أجمعين،
لا نقدم على محبة الرسول إلا محبة الله جل وعلا، ولا نقدم على محبة الرسول محبة
أحد من الخلق.
ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم: أن نصلي ونسلم عليه، ونكثر من ذلك:
قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
فالصلاة والسلام ما على الرسول صلى الله عليه وسلم من حقوقه علينا، تارةً
تكون واجبة، وتارةً تكون مستحبة.
تكون واجبة عند ذكره صلى الله عليه وسلم، كلما ذُكر تُصلي وتُسلم عليه؛ كما في الحديث: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6632).