×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 ندفع عنه كل ما يقال فيه من التهم، وأن نرد عليها بالحجج الدامغة من الكتاب والسنة ومن واقع سيرته صلى الله عليه وسلم.

فالمشركون -منذ بُعث- وأتباعهم من المنافقين -في كل زمان ومكان- لا يزالون يطعنون في الرسول صلى الله عليه وسلم وفي رسالته، قالوا: إنه كذاب، ومجنون، إنه شاعر، ﴿مُعَلَّمٞ مَّجۡنُونٌ [الدخان: 14]، إلخ.

والله جل وعلا رد عليهم؛ فقال: ﴿مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ ٢وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ ٣وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ ٤فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ ٥بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ ٦ [القلم: 2- 6]، فما تركوا شيئًا من الذم إلا قالوه فيه.

ولما مات إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا: انقطع نسله، فلا يُذكر ليس له نسل ولا عقب، فأنزل الله جل وعلا: ﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ ١فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ ٢إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ ٣ [الكوثر: 1- 3]؛ الذي ينقطع ذكره إذا مات؛ فلا يذكر إلا بالذم واللعنة؛ أما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لم ينقطع ذكره بوفاته صلى الله عليه وسلم، فلا يزال ذكره عند المسلمين، وحتى عند أهل الكتاب الذين لم يذهبوا مع العناد؛ فإنهم يعترفون برسالته صلى الله عليه وسلم، ﴿قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ [الأنعام: 33]، فإنهم يعرفون أنه رسول الله، لكن منعهم الكِبْر، ومنعتهم الحمية، ومنعهم الحسد من اتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم والاعتراف برسالته ظاهرًا، ولن يضره ذلك، قال تعالى مطمئنا لرسوله وللمؤمنين ومتوعدا للكافرين: ﴿إِنَّا كَفَيۡنَٰكَ ٱلۡمُسۡتَهۡزِءِينَ [الحجر: 95]؛ فالله كفانا وكفى رسوله صلى الله عليه وسلم شرهم، ولكن يجب علينا أن ندافع عنه ولا نقول: «إن الله كفانا»، لأن الدفاع عنه عبادة لا نتر ها، فندافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وبكل ما أوتينا بالبرهان والحجج الدامغة، لا بالمدح الفارغ والشبه الكاذبة.


الشرح