فمن قال: إن الرسول ينقطع ذكره إذا مات، لأنه أبتر لا نسل له، قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ﴾ [الكوثر: 3] أي:
مبغضك: ﴿هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ﴾ هو الذي سينقطع
ذكره، ولن ينقطع ذكرك. فأين ذكر أبي جهل وأبي لهب؟ أين ذكر المتكبرين من الكفرة؟
انقطع ذكر هم، ولا يذكرون إلا باللعن والذم والتحقير -نسأل الله العافية-، لأن
الله قال: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ
هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ﴾ هو الذي سينقطع ذكره، أما ذكر الرسول صلى الله عليه
وسلم لي فإنه سيستمر، وكما تشاهدون إذا كر الله؛ دكر معه الرسول صلى الله عليه
وسلم الله، قال تعالى: ﴿أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ
صَدۡرَكَ ١وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ ٢ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ ٣وَرَفَعۡنَا
لَكَ ذِكۡرَكَ ٤﴾ [الشرح: 1- 4]، فلا يذكر الله جل وعلا إلا ويذكر معه
الرسول، فيذكر في التشهد: «أشهد أن لا إله
إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله»، ويذكر في الأذان خمس مرات على المنائر؛
تصدع به أصوات المؤذنين؛ وتنقلها المحطات الفضائية فتخترق الأجواء: «أشهد أن محمدًا رسول الله»، لا تنتهي في
المعمورة كلها، تخترقها أصوات المؤذنين؛ رغما على أنوفهم، ولا يقدرون أن يمنعوا
ذلك، هذا من رفع ذكره بنتا، رغم أنهم يبغضونه ويعادون ذكره صلى الله عليه وسلم،
فهو مرتفع عليهم في أجوائهم.
وكلما قرئ القرآن في أي مكان؛ ففيه ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ
وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسَۡٔلُونَ﴾ [الزخرف: 44]؛ ففي تلاوة
القرآن ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين.
كذلك يذكر الرسول مع الله جل وعلا في خطبة الجمعة؛ حيث يذكر فيها الله جل
وعلا، ويذكر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، في كل جمعة يذكر الله ويذكر معه
الرسول، هذا من رفع ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، ﴿وَرَفَعۡنَا
لَكَ ذِكۡرَكَ﴾ [الشرح: 4]، وهذا شيء مشاهد.