×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

أين ذكر أعدائه؟ انقطع ذكرهم، فصار مبغضه الذي قال: «إنه أبتر» صار هو الأبتر، لا يذكر إلا بالذم واللعن -والعياذ بالله-، هذا الذي انقطع ذكره هو الأبتر: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ [الكوثر: 3] أي: مبغضك ﴿هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ الذي لا يذكر إلا بالشر، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يزال ذكره بالخير يتردد على القلوب والألسنة وفي كل مناسبة ذكر لهذا الرسول صلى الله عليه وسلم في أرجاء الأرض، فما من دولة كافرة أو مؤمنة إلا ويتردد فيها ذكر هذا الرسول صلى الله عليه وسلم في مساجدها، وهذا مصداق لقوله: ﴿وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ [الشرح: 4].

فهؤلاء الذين يتنقصون الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجحدون رسالته ويقولون ما يقولون في حقه صلى الله عليه وسلم، إنما يضرون أنفسهم ولا يضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لي شيئًا، ما ضره أعداؤه المعاصرون له كأبي جهل وأبي لهب وسائر المشركين الذين ناصبوه العداوة وتنقصوه وقالوا: ﴿لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ [الزخرف: 31]، القريتين: مكة أو الطائف، يقترحون بدلا من محمد: الوليد بن المغيرة في مكة، أو عروة بن مسعود الثقفي في الطائف ويقولون: لماذا الله لم يختر أحد هذين الرجلين؟ !! لم يجد إلا هذا اليتيم؟!! هذا كلامهم -قبحهم الله-؛ يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، والله يعلم أن هذا اليتيم هو أصلح البشر، وهو أهل لرسالته: ﴿ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ [الأنعام: 124].

فهم يحتقرون محمدًا صلى الله عليه وسلم ليُتمِه وفقره، ويقولون: ﴿وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ ٣١أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٣٢ [الزخرف: 31، 32]، ولا أحد يستطيع أن يتصرف في قسمتنا.


الشرح