وتصديقه فيما أخبر صلى الله عليه وسلم: ما أطلعه الله عليه من الغيوب
الماضية والغيوب المستقبلة؛ لأن علم الغيب خاص بالله، ولا يعلم الرسول -ولا غيره
من الرسل- إلا ما أطلعهم الله عليه الإقامة الحجة؛ قال تعالى: ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ
عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ
مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧﴾ [الجن: 26، 27].
فالله يُطلِعُ رسوله من الغيوب ما هو حجةٌ على نبوته وما يحتاجه الناس؛
ليكون ذلك دليلا على صدقه، وليكون الناس على أهبة الاستعداد لكل ما حدث وما أخبر
به صلى الله عليه وسلم، فيستقبلونه بما يليق، من تصديقه فيما أخبر به عن الماضي،
فقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن الأمم الماضية وهو لم يحضرها ولم يشهدها، ولكن بما
أوحاه الله إليه وأطلعه عليه فإنه يخبر به صلى الله عليه وسلم، ويجب تصديقه في
ذلك، وهذا من معجزاته وعلامات رسالته، كيف أنه يخبر عن أشياء ماضية سحيقة في
الماضي، ومع هذا أخبر عنها صلى الله عليه وسلم ؟ كأنه شاهدها وحضرها، لهذا من آيات
رسالته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم.
وأخبر عن أمور مستقبلة، فيجب الإيمان بها، وهي أمور لا يطلع عليها إلا
الله، أو من أطلعه الله عليها من رسله، هذا المصلحة العبادة وإقامة الحجة عليهم،
أخبر عن قصة آدم والملائكة وإبليس، وأخبر عن قوم نوح وعاد وثمود، وفرعون وهامان،
وعن إبراهيم وقومه وموسى وقومه مما أوحاه الله إليه، ﴿وَكُلّٗا
نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ﴾ [هود: 120].