×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

فقوله: «و ألا يعبد الله إلا بما شرع»: ما شرع من العبادة، وما شرع من الأوامر والنواهي، وكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقبل ويقتصر على العمل به -سواء أكان واجبا أم مستحبا-، ويترك ما خالف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أن الناس حسَّنوه وقالوا: زيادة خير وزيادة عبادة! لا؛ فالخير والعبادة فيما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم، والله جل وعلا قال: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ [المائدة: 3].

فما ترك شيئًا يقرب العباد إلى الله إلا وبينه وأمر به صلى الله عليه وسلم، شهد الله للدين بالكمال: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ؛ فمن جاء بعبادة ليست مما جاء به الرسول؛ فقد اهم الدين بأنه ناقص، وقد كذب قوله تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ.

ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم: إجلاله وتوقيره واحترامه وعدم تنقُّصه:

قال تعالى: ﴿فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الأعراف: 157]. هذا في حق هذا الرسول عليه الصلاة والسلام، ﴿ءَامَنُواْ بِهِۦ، وصدقوا رسالته، ﴿وَعَزَّرُوهُ يعني وقَّروه، لأن «التعزير» يطلق ويراد به التوقير، ويطلق ويراد به التأديب، والمراد به هنا التوقير والاحترام.

فيُحترم عليه الصلاة والسلام ويوقَّر، لكن من غير غلو في حقه صلى الله عليه وسلم؛ لأن هناك من يغلو في مدحه ويرفعه فوق منزلته إلى منزلة الإلهية فيجعله شريكًا الله -تعالى الله عن ذلك-؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم مُحذرًا من هذا: «لاَ تُطْرُوني كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ»، فالنصارى غلوا في المسيح عليه الصلاة والسلام، قالوا: إنه الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة، غلوا فيه فرفعوه من البشرية إلى الألوهية تعالى الله عن ذلك.


الشرح