وهنا نقطة مهمة؛ هناك
جماعة يقولون: لا بد أن تكون البداءة بالترغيب في الخير والمعاملة الحسنة، ونترك
التوحيد، ونترك العقيدة! وهذا مذهب فاشل، دعوة الرسل كلهم أول ما يبدؤون بالعقيدة؛
لأنها هي الأساس، ابدأ بالعقيدة، ولكن بطريقة مرغبة، وبطريقة مبنية على البرهان
وعلى الحجة، فالدعوة إنما تتأسس على العقيدة أولاً، كل رسول أول ما يبدأ يقول: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ﴾، وخاتم النبيين محمد صلى
الله عليه وسلم لما بعثه الله بقي في مكة ثلاث عشرة سنةً يدعو إلى العقيدة، ولم
تفرض عليه لا الصلاة ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج، حتى ترسخت العقيدة، عند ذلك
أنزل الله جل وعلا شرائع الإسلام بعد الهجرة إلى المدينة، فالعقيدة أولاً، وهي
الأساس؛ لأن الأعمال كلها بدون عقيدة تكون هباء منثورًا لا قيمة لها، وإذا كانت
على عقيدة صارت الأعمال صالحة، وصارت مفيدة، فلا تزهدوا في تعليم العقيدة، وتعلم
العقيدة ونشر العقيدة الصحيحة، ولا تنخدعوا بمثل هذه الدعايات.
السؤال: لا يخفى على سماحتكم وعلى كريم نظركم كثرة الدعاة إلى البدع والأهواء، ومن
ذلك الخلل الكبير عندهم في مسائل الإمامة والسمع والطاعة، وفي مسائل الجهاد، حتى
أصبحنا نحس بغربة شديدة لكثرة المخالفين، فهل من توجيه أحسن الله إليك؟.
الجواب: لو أن الناس كانوا صالحين ومستقيمين ما احتاج الناس إلى دعوة، ولكن هذا
لأن الناس كما وصفتم، فهم بحاجة إلى دعوة، بحاجة إلى تبصير ونشر العلم، فهي فرصتكم
-ولله الحمد-، وإذا تقابل الحق والباطل فإن الباطل يزول، قال جل وعلا: ﴿بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ
عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ﴾ [الأنبياء: 18].