فكيف إذا زاد العلم المبارك؛ فقد زادت البركة وزاد الخير، فالعالم الواحد
ينشئ الله على يده علماء كثيرين، قال الله جل وعلا: ﴿كِتَٰبٌ
أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ﴾ [ص: 29]، فهذا الكتاب مبارك، من اتصل به وعمل به؛ حصل
على هذه البركة العظيمة، ومن بركته أنه يكشف الشبهات وينير الظلمات، فقد يكون عند
الإنسان حماش ومحبة للخير ومحبة للعلم، ولكن إذا لم يكن مرشدًا بالعلم النافع؛
فربما أن حماسه لهذا يضر أكثر مما ينفع، فلا بد من هذا العلم الذي أنزله الله
بصائر للناس، فأنتم -والحمد لله- تتحملون هذا العلم من مصادره، ومن علمائه، ثم
تذهبون إلى بلادكم دعاة إلى الله ومعلمين، ثم ينتشر الخير ولله الحمد.
وأهل الشر يبذلون جهودا كثيرة لنشر الشر، والصد عن سبيل الله، ولكن إذا
تقابل شرهم مع العلم الذي أنزله الله انقمع شرهم، فهذا العلم نور يكتسح الظلمات،
قال تعالى: ﴿كِتَٰبٌ
أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ
أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾، وقال: ﴿الٓرۚ
كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ
بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ﴾ [إبراهيم: 1]، فالوحي المنزل يكشف الظلمات، ﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِينَ
كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ يُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَٰتِۗ﴾ [البقرة: 257]،
الظلمات كثيرة أما النور فهو موحد، لم يقل: إلى الأنوار، بل قال: ﴿إِلَى ٱلنُّورِۖ﴾، وهو النور العظيم،
النور الذي لا تقوى الظلمات -مهما كثرت-، ومهما كثر أتباعها، ومهما قوي أتباعها.
على طمسه؛ فإن هذا النور يكتسحهم، ﴿يُرِيدُونَ
أَن يُطۡفُِٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ﴾ [التوبة: 32]، ﴿لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ
إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ﴾ [إبراهيم: 1]. فالله جل وعلا أنزل لهذا العلم وهذا
النور،