وهيأ له من يحمله ويبلغه
كما في الحديث: «يَرِثُ هذا الْعِلْمَ
مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ» ([1])، جعل الله جل وعلا
العلماء ورثة الأنبياء، كان بنو إسرائيل فيما سبق وفي عهدهم تسوسهم الأنبياء، كلما
مات نبي خلفه نبي، فلما ختمت الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم جعل الله العلماء
ورثة الأنبياء؛ يقومون بتحمل هذا العلم ونشره والدعوة إليه، فالعلماء عليهم
مسؤولية كبيرة، وعليهم واجب عظيم، فأنتم -إن شاء الله- على أثرهم؛ تتهيؤون
وتتسلحون بالعلم، وبلادكم بحاجة إليكم لتنيروا طريقها، وتكتسحوا ما فيها من ظلمات
تراكمت على طول المدة، فهذا النور الذي معكم يبدد الله به تلك الظلمات، وترجعون
إلى بلادكم دعا إلى الله، معلمين للخير مرشدين إلى الصواب، فيحصل -إن شاء الله-
الخير الكثير للأمة.
وأنتم تعلمون ما تعيشه الأمة الإسلامية -والعالم ككل- من الأفكار المنحرفة والنحل الضالة، ودعاة الضلال، ولكن كل لهذا يضمحل -بإذن الله- مع أهل العلم القائمين بالدعوة إلى الله على بصيرة، كل هذه الظلمات تتشتت، أنتم تعلمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم بُعث على فترة من الرسل، والعالم كله في ظلام دامس، وهو شخص واحد، ولكن الله أيده بالعلم والإيمان، فقام وحده، ثم تبعه من تبعه على قلة، وتناموا وكثروا، وانتشروا في الأرض؛ معلمين ومجاهدين وفاتحين حتى انتشر هذا الدين في المشارق والمغارب؛ وذلك بسبب العلم النافع والدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، ﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي﴾ [الفتح: 29]، أي: صفتهم في التوراة هذه، التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام، ﴿وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ﴾،
([1]) أخرجه: البيهقي رقم (21439).