الإنجيل الذي أنزل على
عيسى عليه السلام، ﴿كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ
شَطَۡٔهُۥ﴾، الزرع أول ما يظهر ضعيف، ثم يقول ثم يكون له فراخ، ثم
لهذه الفراخ تؤازره ثم يتكون شيئًا فشيئا، ﴿كَزَرۡعٍ
أَخۡرَجَ شَطَۡٔهُۥ﴾ يعني: فراخه، ﴿فََٔازَرَهُۥ﴾، يعني: قوَّاه، ﴿فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ﴾، جمع ساق، ثم تكون
السنابل والثمرة، ﴿يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ
لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ
مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا﴾ [الفتح: 29]، هكذا
نشأت الأمة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَدَأَ
الإِسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى
لِلْغُرَبَاءِ» ([1])، قيل: من الغرباء؟
قال: «فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ
يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ» ([2]). وفي رواية أخرى: «فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ
يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([3]).
الإسلام بدأ غريبًا، وليس مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا حر وعبد، أبو
بكر وبلال، ثم تتابع أصحابه في الدخول في الإسلام، وانضموا للرسول، ثم تكونت الأمة
الإسلامية التي اكتسحت الأرض بالعلم والجهاد والدعوة إلى الله جل وعلا.
فالدعوة لا ترتكز على الحماس فقط، وإنما لا بد من العلم، فدعوة بدون علم فاشلة، والله جل وعلا قال: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125]، وقال سبحانه: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾ يعني: على علم، وليس على حماس فقط! بل على علم، على بصيرة، ﴿أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108]، فمن اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله؛ فلا بد أن تكون دعوته على بصيرة،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (145).