مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ
ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٠٣وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ
يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ
وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ
وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ
عَظِيمٞ ١٠٥﴾ [آل عمران: 102- 105]، فقام الأنصار يقبل بعضهم بعضا،
وصفت قلوبهم من الكدر الذي أصابها بسبب هذا الطاغوت اليهودي، وعادوا إلى دينهم
وإلى نعمة الله عليهم بالاجتماع، وعدم التفرق والاختلاف، هذا ما رسمه لنا ربنا
سبحانه وتعالى، ولجميع الأمة إلى أن تقوم الساعة، ليس هناك منهج إلا صراط الله
المستقيم، إلا منهج الإسلام الذي سار عليه الصالحون، قال الله جل وعلا لا كما في
سورة الفاتحة: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ
ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ
عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧﴾ [الفاتحة: 6، 7]، الذين أنعم الله عليهم هم كما في قوله
تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ
وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّۧنَ
وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا
٦٩ذَٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا ٧٠﴾ [النساء: 69، 70].
والمغضوب عليهم: اليهود عندهم العلم، ولكنهم لا يعملون به، فغضب الله
عليهم، وليس هذا خاصًّا باليهود، بل هذا عام لكل من عنده علم من الشرع ولا يعمل
به، فإن الله يغضب عليه؛ لأنه ترك الحق عن علم ومعرفة، والضالون هم النصارى ومن
سار على نهجهم ممن يعبد الله على جهل وضلال من غير علم، فاليهود أخذوا العلم
وتركوا العمل، والنصارى بالعكس أخذوا العمل وتركوا العلم، وهذه الأمة المحمدية
-ولله الحمد- ومن سار على الحق من سائر الأمم من قبلها؛ أخذوا المنه الذي يجمع بين
العلم والعمل، كما قال الله جل وعلا: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ
أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ﴾ [التوبة: 33]،