كما قال سبحانه وتعالى في وصف هذا الإنسان: ﴿إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا﴾ [الأحزاب: 72]، فيحصل من بعض المجتمعين اعتداء على الآخرين، يحصل منهم أذًى للآخرين، ومن الذي يحسم هذا الخلاف ويأخذ على يد هذا المفسد ولهذا المجرم إلا ولي الأمر؛ ولذلك شرع الله لنا أن نسمع ونطيع لولي الأمر، فلا يصلح اجتماع ليس له رأس، وليس له قائد، وليس له ولي أمر؛ فلذلك أمر الله بالسمع والطاعة لولي الأمر، قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاََفًا كَثيِرًا»، بعد قوله صلى الله عليه وسلم: «أَوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ والطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا» ([1])، فإن تأمَّر عليكم عبد؛ فإنكم تسمعون وتطيعون؛ ولذلك يطاع لولي الأمر المسلم، ولو حصل منه بعض الظلم أو بعض الأمور: إما في نفسه أو عمله، ولو حصل منه على بعض الناس أذى، فإنه يُصبر عليه، يُصبر على ذلك من باب ارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما؛ لأجل جمع الكلمة، فيصبر على ولي الأمر برًّا كان أو فاجرًا، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُم مِنَ الله فِيهِ بُرْهَانٌ» ([2])، فيصبر على ولي الأمر مهما كان من عمله، ومن فعله، ومن تعديه، إذا كان لا يصل إلى حد الكفر والخروج عن الإسلام؛ لما في ذلك من المصلحة الراجحة؛ لأن الخروج عليه -بسبب فعله أو تقصيره- يسبب ما هو أشر وأسوء عاقبة؛ من سفك الدماء، وتفرق المسلمين، وتسلط الأعداء، فإقامة الإمام ضرورة دينية ودنيوية، لا بد من ذلك، ولا بد من الصبر معه حتى ولو جار، ولو ظلم، لا إقرارًا للظلم والجور، ولكن دفعا لما هو أشد؛
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4609)، وأحمد رقم (17142).