أكبر نعمة يعيشها المسلمون إذا عرفوا قدرها وشكروا لله عز وجل، هذه النعمة
العظيمة إذا شكر وها بالقول، وبالاعتقاد، وبالفعل، أما إذا كفر وها فإنها تزول
عنهم ويعودون لحالته الأولى، ولكن الحمد لله أنهم لن يتفقوا على هذا، فلا يكف
الناس كلهم، أو يكفر المسلمون كلهم، وإنما يبقى لدين الله من يقوم به، قال صلى
الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ
مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى
يَأْتِيَ أَمْرُ الله» ([1]).
فالذي أنزل لهذا القرآن تكفل بحفظه، فلا تمتد إليه يد بالتغيير والتبديل
والتحريف؛ لأن الله حفظه، قال تعالى: ﴿إِنَّا
نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ [الحجر: 9]، فهذا
القرآن محفوظ بحفظ الله إلى أن ينتهي الأجل الذي أراده الله سبحانه وتعالى.
فيجب على هذه الأمة -جماعات وأفرادًا- أن يشكروا لهذه النعمة العظيمة، وأن
يتمسكوا بها، وأن يعضوا عليها بالنواجذ، قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي
فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثْيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ؛ تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا
بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ
بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([2]).
فمن الكفر بهذه النعمة أننا نترك التمسك بها، ونُحدث بدعًا في الدين؛ ما أنزل الله بها من سلطان، وذلك بإيحاء من شياطين الإنس والجن ودعاة الضلال، فالواجب التنبه لهذا والشكر لهذه النعمة بالتمسك بها، وتدارسها وتذكرها، فإن الله سبحانه أخبرنا عن الأمم السابقة التي كفرت بنعم الله عليها ماذا حل بها.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1920).