لأن بلاد الحرمين هي قلب العالم الإسلامي؛ ولأن ما يفعل في هذه البلاد من ضلالات يمتد إلى بقاع العالم؛ لأن هذه البلاد هي قدوة العالم الإسلامي فلها خاصية على غيرها، فتجب المحافظة عليها، وتنقية هذه البلاد من هذه الدعوات الضالة، والأفكار المنحرفة، لتبقى منارة للعالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها، ولهذا أمر الله جل وعلا خليله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام حينما أمرهما ببناء البيت العتيق، قال تعالى: ﴿وَعَهِدۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلۡعَٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]، ومن أول ما يطهر منه النجاسة المعنوية، نجاسة الشرك والكفر والبدع والمحدثات؛ لأنها لو تركت تصدر إلى بلاد العالم، فينتشر الشر، فيجب أن تبقى هذه البلاد صافية: ﴿مَثَابَةٗ لِّلنَّاسِ وَأَمۡنٗا﴾ [البقرة: 125]، يردها الناس ويصدرون منها بالخير، فيجب المحافظة عليها أكثر من غيرها؛ لأنها هي القدوة للعالم الإسلامي، وهي محط العالم الإسلامي، يأتون إليها من كل فج عميق يقصدونها، فإذا وجد فيها الخير والدعوة إلى الله، فإن ذلك يصدر للعالم الإسلامي في مشارق الأرض وفي مغاربها، وإذا وجد غير ذلك -لا قدر الله- فإنه يصدر أيضًا إلى الناس في المشارق والمغارب، فهذه البلاد ليست كغيرها؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ﴾ [التوبة: 28]، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلاَّ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» ([1])؛ فأمر بتطهير المسجد الحرام من المشركين، ومن الشرك والبدع والمحدثات ليبقى موردا عذبا للعالم الإسلامي.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (369)، ومسلم رقم (1347).