ومهمة الإمام ليست مقصورة على أنه يصلي بالناس؛ بل الإمام يوجه ويرشد،
ويتفقد أحوال المأمومين؛ فيزور مريضهم، وينصح متكاسلهم، ويوجه من رأى منه تخلفا عن
الصلاة؛ يوجهه بالحضور، ويصف صلى الله عليه وسلم من يتخلف عن صلاة الجماعة من غير
عذر بالنفاق، فيقول: «إِنَّ أَثْقَلَ
صَلاَةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ الْفَجْرِ» ([1])، فدل على أن الإمام
يتفقد المأمومين، ويقيس إيمانهم وتقواهم بمحافظتهم على الصلاة، ويقيس قلة رغبتهم
في الخير أو نفاقهم بالتخلف عن الصلاة من غير عذر.
الإمام يتفقد جماعته لأنهم رعية تحت رعايته، ولا يتغافل عمن يتخلفون عن
الصلاة؛ فمن كان معذورا عذره ودعا له، وإن كان غير معذور نصحه ووجهه، هذا من
مسؤولية الإمام.
كذلك من أعظم مسؤوليات الإمام: إتقان الصلاة؛ لأنه قدوة لمن خلفه؛ ولأنه ضامن؛ كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، وَالإِْمَامُ ضَامِنٌ» ([2])، فإن أحسن الصلاة فله أجرُه وأجر من خلفه، وإن أساء الصلاة فعليه الإثم ولمن خلفه الأجر، كما في الحديث ([3])، فليتقن الصلاة كما شرع الله سبحانه، وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل في الإمامة، فلا يثقل على المأمومين الإثقال الذي يشق عليهم، ولا يخفف التخفيف الذي يخل بالصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَرِيضَ فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ -يعني منفردًا- فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ» ([4])، أما إذا صلى إمامًا فإنه يراعي أحوال المأمومين.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (651).