يجتمعون لصلاة الجمعة كل
أسبوع، يتلقون الإرشادات والتوجيهات والاقتداء، ويلتقون فيما بينهم، ويتآلفون
ويتعرَّفون، وتزول الإحن والمشاحنات، ويُسلِّم بعضهم على بعض، ويتفقد بعضهم بعضًا،
ويصبحون إخوانا كما أمرهم الله سبحانه وتعالى.
ومن المعلوم أن الإمام إذا قام بمهمة الإمامة، فإن مسجده يستنير ويمتاز على
غيره، وأنتم تجدون الفرق بين المساجد التي فيها أئمة حريصون على التوجيه وعلى
الخير، والمساجد التي ليست كذلك، هذا شيء ملموس، فاهتموا بهذا الأمر -وفقكم الله-.
كذلك والجمعة يسبقها خطبتان، وتُصلَّى ركعتين تطول فيها القراءة؛ لأن
المجتمعين بحاجة إلى سماع كلام الله سبحانه وتعالى.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حث خطباء الجمعة على مسألتين: على إقصار الخطبة،
وإطالة الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ»، أي:
علامة على فقهه، «فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ
وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ» ([1]).
وهذا توجيه نبوي لخطباء الجوامع، بأن يقصروا الخطبة ويطيلوا الصلاة، ولكن تكون الخطبة مشتملةً على المطلوب، لا تكون الخطبة جوفاء، لا ينتفع منها المستمع، بل تكون الخطبة موزونة مملوءة بالتوجيه والعلم، لا سيما التنبيه على ما يحدث من الخلل وما يحصل من الملاحظات بالأسبوع، في العبادة، وفي الأخلاق، وفي المعاملات، الخطيب يرصد هذه الأشياء ويخطب بها على الناس، ويوجههم التوجيه السليم، من غير أن يطيل عليهم؛ لأنه إذا أطال انشغلوا عنه، وملُّوا وانصرفوا عنه، وإذا قصرها أصغوا إليه،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (869).