×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 وأقبلوا عليه، واستوعبوا ما يقول على حسب مقدراتهم وأحوالهم؛ فيستفيد الجميع من قصر الخطبة وجزالتها.

فكانت خطبه صلى الله عليه وسلم كلماتٍ معدوداتٍ مباركاتٍ طيبات؛ ما كان يطيل الموضوع ويتشعب فيه حتى ولو كان الموضوع مهمًا، لا يطيل؛ بل يركز على عناصره وعلى مهماته ولا يطيل، فما بالكم إذا كانت الخطبة طويلة فارغة ليس فيها معنى؟ وإنما هو كلام أغلبه حشو لا فائدة منه، أو إنه إنشاء وشغل للوقت فقط من دون أن يركزها، وأن يملأها بالعلم والتوجيه، فالإمام عنده اسبوع كامل؛ پر كز الخطبة ويعدها إعدادا جيدا؛ عنده مهلة

لذلك حتى إذا ألقاها استفاد منها الناس إلى الجمعة الثانية، وهكذا، ولا يزال المسلمون في دروس أسبوعية، يستفيدون منها مع الراحة وعدم التنفير.

وكذلك من المهمات في الخطبة: جودة الإلقاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع صوته حتى كأنه منذرُ جيش يقول: صبحكم ومساكم، فإذا خطب احمرَّ وجهه عليه الصلاة والسلام من الاهتمام بإلقاء الخطبة ليؤثر على السامعين.

الخطيب إذا كان ذا مقدرة على إلقاء الخطبة بقوة: تأثر السامعون، وإذا كان فاترًا ومتساهلاً في إلقائه فإن الناس ينصرفون عنه، وينامون، ولا يدرون ماذا قال؛ ولهذا كانت خطبهُ صلى الله عليه وسلم كلمات معدودات مباركات.

كان يركِّز على العقيدة، ويستهلها بحمد الله والثناء عليه، والشهادتين، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدخل في الموضوع، وكان يقرأ فيها من القرآن، ويطيل من القرآن؛ لأن القرآن هو أعظم المواعظ، فيختار من الآيات ما يناسب موضوع الخطبة.


الشرح