الدعوة لا بد أن تبدأ
بالعقيدة:
قال لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا
تَدْعُوهُم إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَن
الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ
فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ
أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ
مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ» ([1])، وهذا فيه التدرج في
الدعوة، وأي دعوة لا تبدأ بالعقيدة فهي دعوة فاشلة ولا فائدة منها، فالدعوات التي
تُنحِّي العقيدة وتبعدها وتدعو للأخلاق الفاضلة وإلى التعامل الطيب! هذه دعوة لا
فائدة منها؛ لأنها أهملت الأساس والرأس؛ فإذا فقد الرأس ماذا ينفع بقية الجسد،
فيبدأ بالعقيدة أولاً، يبدأ بتبصير الناس أولاً في عقيدتهم، ثم بعد ذلك بأمور
دينهم كالصلاة والزكاة وبقية أمور الدين والتدرج في الدعوة شيئًا فشيئا هذا أمر
مطلوب.
فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هي على هذا المنهج السليم النبوي، الذي أرشد إليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فالذي يُنحي الدعوة عن منهجه ويقول: هذه دعوة إسلامية!، نقول: هذه ليست دعوة إسلامية، ولا تنجح أبدا؛ كم نسمع من الدعوات والمؤسسات الدعوية؛ ولكن أين الثمرة!؛ لأنها لم تقم على الأساس الأصيل وهو العقيدة، ولم تسع لإصلاح العقيدة، وتنقية العقيدة أولاً، «فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ»، فالعقيدة هي الأساس وهي الرأس، وتترتب عليها بقية الأعمال؛ لأن الأعمال بدون عقيدة سليمة لا تنفع صاحبها مهما كانت؛
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1458)، ومسلم رقم (19).