فلا يبقى إلا الحق، وهو ما
كان على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الذي يبقى ويستمر وينفع،
﴿فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ
فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ
كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ﴾ [الرعد: 17].
يُذكر عن إبراهيم باشا القائد المصري الذي غزا هذه البلاد واستولى على
الدرعية، وقام بنقل العلماء، ونقل كبار السِّن إلى مصر، نقلهم من بيوتهم في
الدرعية إلى مصر بأمر من الدولة التركية، يزعمون أن هذا فيه إنهاء لهذه الدعوة
واقتلاعا لجذورها، ولكن لما سئل إبراهيم باشا: هل انتهت هذه الدعوة؟ قال: لا، هذه
الدعوة جذورها في الأرض، ولا بد أن تعود.
وكما ترون -والحمد لله- ثبتت على الكوارث والخطوب تعيد لنا مجدنا المتواري.
يجري عليها محن، ولكن تبقى رغم المحن ورغم الشدائد؛ لأنها دعوة حق، وهي
دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هي دعوة الرُّسُل من أولهم إلى آخرهم عليهم
الصلاة والسلام، فهي تبقى وإن جرى عليها ما جرى، أو يجري الآن، إلا أنها تبقى
لأنها مرتكزة على الكتاب والسنة، وكل شيء يرتكز على الكتاب والسنة فإنه يبقى بإذن
الله، وأما الشبهات، وأما المذاهب الشخصية فكلها تزول، تصول ثم تزول وتظهر، وهذه
الدعوة ما ضرها ما جرى عليها وما يجري، ما ضرها الشبهات التي تُلصق بها، ما ضرها
من ينتسب إليها وهو ليس من أهلها، بل يتبين وينكشف -والحمد الله-، الذين ينتسبون
إليها -وهم على غير طريقها- ينكشفون -ولله الحمد-، ولا يضرونها شيئًا،