وإنما يضرون أنفسهم، وهذه الدعوة لما كانت أصيلة وقائمة على كتاب الله وسنة
رسوله ثبتت وبقيت، وكانت هي الظل البارد لهذه البلاد -والحمد لله-، بينما الشعوب
الأخرى تخطف من حولنا، والله جل وعلا حمل هذه الدعوة.
ومما وفق الله لهذه الدعوة: أن وفق ولاة الأمور، فخدموا الحرمين الشريفين،
وقاموا بخدمة الحجيج والمعتمرين والزوار، وقاموا على خدمة الحرمين الشريفين ومن
يقدم إليهما حاجًّا أو معتمرًا أو زائرًا، فهذا فضل الله عز وجل وهبه للقائمين على
هذه الدعوة المباركة، ونسأل الله عز وجل أن يديم هذه النعمة، وأن ينصر هذه الدعوة،
وهي منصورة -بإذن الله-، ولكن أن ينصرها على أيدينا وأيديكم وإلا فهي منصورة؛ ولو
تخلينا عنها يقيض الله لها من يقوم بها، قال تعالى: ﴿وَإِن
تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ
أَمۡثَٰلَكُم﴾ [محمد: 38].
فدين الله محروس ومحمي بلا شك مهما تكالب الأعداء، قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطۡفُِٔواْ
نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ
وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [التوبة: 32]، فالحق واضح، حتى الأعداء يعرفون أنه حق، ﴿قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ
لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ
بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33]، كل يعرف الحق، ولكن هناك من يوفق لقبوله
والسَّير عليه، وهناك من يعرض عنه، وهذا إنما يضر نفسه ولا يضر الحق، الحق باق،
والدين منصور بنا أو بغيرنا، فالخوف علينا نحن إن أخللنا بالتمسك بهذا الحق، فإن
الله يستبدل بنا غيرنا، الله غني عنا سبحانه وتعالى، وإنما نحن الفقراء إلى الله
عز وجل، ولا عز لنا ولا بقاء لنا إلا بالله سبحانه، ثم بهذه الدعوة المباركة،