×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 ما دينك؟ يقول: «هاها لاَ أَدْرِي»، فيُضرب -والعياذ بالله- بمرزبة من حديد يصيح بها صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين ([1])، ولو سمعها الإنسان لصعق، يعني: لمات؛ هذه نتيجة الجهل بالعقيدة وعدم العناية بها وعدم دراستها، والعقيدة هي الأساس، فإذا ضيعت الأساس فكيف تبني هذا الدين؟؛ تبنيه على جرف هار! لا يصلح هذا في دين المسلمين.

فالعقيدة أمرها مهم جدًّا؛ ولهذا اهتم بها علماء هذه البلاد خصوصًا، وعلماء المسلمين عمومًا: قديمًا وحديثًا؛ لأن بعض الناس يقول: إن الناس مسلمون فقط، فلو تسأله عن الإسلام، ما هو الإسلام؟ يقول: أنا مسلم فقط، ما معنى الإسلام؟ لا يدري؟ والرسول صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب -لما أعطاه الراية يوم خيبر-: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِل بِسَاحَتِهِمْ» -ساحة اليهود- «ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِْسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ» ([2])، من حق الله تعالى فيهم، فليس إسلام فقط، بل إسلام وما الذي يجب في الإسلام، وما هي أحكامه، لا بد أن تبين للناس وأن توضح.

كثير من الدعاة يدعو إلى الإسلام، ولكن لو تسأله ما معنى الإسلام؟ ما يستطيع أن يفسره التفسير الصحيح، وهذا من جهله بهذه العقيدة، فكيف يدعو إلى شيء وهو يجهله ولا يعرفه؟؛ فيجب على الداعية أن يتأهل أولاً، يتأهل أول شيء بأمر العقيدة، يتأهل بذلك حتى يستطيع أن يدعو إلى الله على بصيرة، كما قال جل وعلا: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [يوسف: 108]،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4755).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3701)، ومسلم رقم (1731).