لماذا لا نُبصرهم؟! لماذا
تركناهم؟! والله حملنا أن ندعوهم إلى الله ﴿قُلۡ
هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف: 108]، ﴿عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾: على علم، فيُشترط
في الداعية أن يتعلم أولاً، ويكون على بصيرة؛ حتى لا يقع في المزالق أو في الضلال
أو في الهوى، فالذي عنده علم صحيح يثبت -إذا ثبته الله-، وأما الذي ليس عنده علم
صحيح فإنه ينزلق مع أول شبهة، ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ
مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ
وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ
ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [الحج: 11].
والله جل وعلا قضى بالامتحان والابتلاء لعباده؛ حتى يتبين الصادق في
إيمانه، الثابت على دينه، من الصنف المتذبذب، الله جل وعلا يبتلي عباده ليتميز
الصادق في إيمانه، والصادق في عقيدته، والصادق في دينه من المدعي، والذي يعيش على
الانتساب من غير علم ومن غير عقيدة؛ فهذا يذهب مع أول العاصفة: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن
يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ﴾ [الحج: 11]، أي على طرف، ﴿فَإِنۡ
أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ
وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [الحج: 11]، نسأل
الله العافية.
نحن لا ندعو الناس إلى أن يكونوا تبعا لنا، إنما ندعوهم الصالح أنفسهم هم،
فمن قبل فالحمد لله، ومن لم يقبل برئت ذمتنا، وأقمنا عليه الحجة، فالواجب علينا
-يا إخوان- عظيم، لا سيما وأكثركم علماء -والحمد لله- أو طلبة علم أو حتى عوام
نشؤوا على هذه العقيدة وهذه الدعوة، والاستقامة على هذه الدعوة سر بقاء هذه البلاد
-ولله الحمد-، والبلاد الأخرى -كما تعلمون- تعصف بها الفتن والشرور والقتال بينهم،
وهذه البلاد -ولله الحمد- تعيش آمنة مطمئنة.