أنتم ورِثتم هذا العلم، وهذا الدين، وهذه الدعوة المباركة، ورِثتموها عن
علمائكم وقادتكم، فحافظوا عليها، ونموها بالعمل الصالح وزيادة التعلم، ورصد
الشبهات والحجج الفاسدة؛ لأجل أن تدمغوها بالحق، وتبينوها بالهدى والنور وتفضحوها؛
حتى تفشل وتضمحل وتندحر، فإن هذا الكتاب وهذه السنة وهذا المنهج الذي عليه هذه
البلاد وعليه بلاد المسلمين عامة؛ هذا المنهج لا يغالب إذا كان له حملة ولن يدافع،
قال تعالى: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا
لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ﴾ [الصافات: 173]، فكونوا من جند الله عز وجل، المدافعين
عن دينه، الحاملين لشريعته، فهذه الجامعة المباركة وأخواتها من الجامعات الأخرى؛
كلها معاقل للمجاهدين في سبيل الله بالحجة واللسان، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ
جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ
جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ﴾ [التوبة: 73].
فالعدو الكافر يجاهد بالسلاح، والمنافق يجاهد بالحجة التي تدمغ شبهاته
وافتراضاته، فالله تعالى قال: ﴿جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ
وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ﴾، ولم يقتصر على الكفار فقط، بل قال: ﴿وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ﴾، فلا بد من الاستعداد
لهذا الجهاد بنوعيه: جهاد الكفار، وجهاد المنافقين.
جهاد الكفار هذا له الجنود الذين يتدربون على
القتال وحمل السلاح واستعمال أسلحة العصر، وأما جهاد المنافقين فهذا نصيبكم أنتم
في هذه الجامعة وفي غيرها من دور العلم، وجهاد المنافقين أشد من جهاد الكفار؛ لأن
المنافقين يتسمون بالإسلام، ويدعون الإسلام، ويلبسون على الناس، فخطرهم أشد من خطر
الكفار، قال الله جل وعلا فيهم: ﴿هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ
أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ﴾ [المنافقون: 4].