كما قال الله جل وعلا: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢﴾ أي إنسان فهذا عام، إي إنسان خاسر إلا من اتصف بأربع صفات ذكرها الله جل وعلا في هذه السورة القصيرة، فقال: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾، هذه واحدة، ﴿وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ﴾ هذه الثانية، ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ﴾ هذه الثالثة، ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾ [العصر: 1- 3]، هذه الرابعة، ففي هذه السورة الوجيزة أربع مسائل من حققها حُقت له السعادة عاجلا وآجلا، ومن فرط فيها ضاع وضل وغوى، ومن فرط في شيء منها كان عنده نقص لا بد أن يلتفت إليه وأن يستكمله، تعلمون أن هذه العقيدة الصحيحة تدرس -والحمد لله- في هذه البلاد: في مدارسها، في معاهدها، في كلياتها، وفي حلق المشايخ، وكل يأخذ منها ما يسر الله له، قال تعالى: ﴿أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا﴾ [الرعد: 17]، فكل يأخذ بقدر ما يسر الله له، ولكن هذا يحتاج منا إلى جهود، وأن نتواصى بالحق، نتواصى بالصبر، أن نثبت على ديننا، وان نحذر من الشائعات، فأنتم تعلمون اليوم ما يبث في هذه الوسائل التي تنشر الخير، وتنشر الشر، والشر أكثر، والخير أقل ولكنه مبارك ومفيد، والشر وإن كثر فإنه ضياع وهلاك، ولا ينفع، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ﴾ [الرعد: 17]، هذه الجامعة -ولله الحمد- قامت على منهج الكتاب والسنة وعلى هدي السلف الصالح، ونرجو لها الاستمرار، ونرجو لها البقاء والدوام، فإن العالم كله بحاجة إلى هذه الجامعة، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا، يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ([1])، والفقه: هو الفهم، أي: يُفهمه هذا الدين المبارك، ولا يحصل هذا التفهيم وهذا العلم إلا بالتعلم
([1]) أخرجه: البخاري رقم (71)، ومسلم رقم (1037).