صلحت السياسة واستقامت على
كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فاجتمع الصلاحان: صلاح الدين أولاً، ثم
صلاح الدنيا ثانيا، وهذا هو الذي درجت عليه هذه الأمة من بعثة محمد صلى الله عليه
وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم حث على ذلك، حث على الرجوع إلى أهل العلم، وحث على
الرجوع إلى أهل السياسة في الشؤون العامة التي لا يصلح أن يتولاها إلا أهل السياسة
الشرعية، وأهل العلم الشرعي، وبذلك تصلح الأمور وتستقيم الأحوال، ويجعل الله جل
وعلا على أيديهم صلاح الدنيا والدين، ولا يجوز أن يتدخل في هذا الأمر إلا هذان
الصنفان من الناس:
الصنف الأول: أهل السياسة الشرعية.
الصنف الثاني: وأهل السياسة الدينية.
وبذلك تتم مصالحهم، ولا يصلح أن يتدخل أحد من الناس في هذا الأمر العام،
غير من ذكرنا من أهل العلم الشرعي، وأهل السياسة الشرعية، فإنه إذا تدخل عامة
الناس؛ فإنهم لا يعلمون ما يصلح أمور الناس.
وكذلك إذا تدخل الجهال في الأمور العامة للمسلمين؛ ضاعت المسؤولية وحصل الفساد، والله جل وعلا أمرنا بغير ذلك؛ بل أمرنا أن نستقيم على الأولى وأن نستمر عليه حتى تصلح أحوالنا، وتستقيم أمورنا، وتعتدل سياستنا، هذا ما أمرنا الله به، وما أوصانا به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إِنِي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ الله وَسُنَّتِي» ([1])، فلنرجع في ذلك إلى هذين المصدرين الرئيسين، وبذلك يحصل الخير، وتسود الألفة الدينية بين المسلمين،
([1]) أخرجه: الدارقطني رقم (4606)، والحاكم رقم (319)، والبيهقي رقم (20337).