ولما كان المسلمون يسيرون على هذين الأصلين: كانوا على هدى وصلاح، وعلى
استقامة، فلما حصل التفريط بهذين الأصلين، وجاءت البدع والمحدثات والعقائد
المنحرفة؛ حصل على المسلمين ما حصل من النقص والفساد، ولكن عندما يرجع المسلمون
إلى هذين الأصلين تصلح أحوالهم ويستقيم دينهم، ويصلح مجتمعهم، وأمرهم، وهذا هو
الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أوصى به عمر بن الخطاب رضي الله
عنه، فقد أوصى بأن نسير على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن نترك ما
خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا ما أوصى به خليفة المسلمين، الخليفة
الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن قبله أوصى به أبو بكر الصديق رضي الله عنه،
فموقف الصديق يوم الردة موقف عظيم ثبت الله به الدين، وقمع به المفسدين، ولما أراد
أبو بكر رضي الله عنه قتال المرتدين، قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كيف تقاتلهم وهم يشهدون أن لا إله إلا الله،
وأن محمدًا رسول الله؟»، قال أبو بكر: «لو
غيرك قالها يا عمر؟»، يستنكر عليه هذه المقالة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم
أوصى عند الردة بقتل المرتدين، وقال رضي الله عنه لما منعوا الزكاة: «والله لو منعوني عقالاً -وفي رواية: عناقًا-
كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه»، فلما رأى عمر رضي
الله عنه تصميم الخليفة الراشد أبي بكر الصديق على قتال المرتدين عرف أن الحق معه،
فسلم له هذا الأمر، وماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة: بقاء هذا الدين غضا طريا
كما تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا يجب أن يكون الأمر، فإن الصديق
رضي الله عنه وقف هذا الموقف من المرتدين، واستمر في قتالهم حتى ضعف أمرهم، أو فسد
أمرهم، فعاد الصلاح والإصلاح والاستقامة إلى هذا الدين.